وكيفما كان، فنحن في فسحة من أصل الإشكال على حجّيّة الأخبار التي نحن بصددها- أي أخبار التحليل-؛ لقولنا بعدم اختصاص حجّيّة خبر الواحد بالشبهة الحكميّة.
وقفة عند كلام السيّد الحكيم قدس سره
: لم اراجع كلام السيّد الحكيم (مدّ ظلّه) في كتاب الخمس، لكنْ له كلامٌ في نظير ما نحن فيه في مبحث الاجتهاد والتقليد، وذلك عندما يذكر صاحب (العروة) رحمه الله ثبوت اجتهاد المجتهد بالبيّنة[1]، وهنا يقول السيّد الحكيم (دام ظلّه): «ربّما يقال بثبوته بخبر الثقة؛ لعموم ما دلَّ على حجيّته في الأحكام الكليّة؛ إذ المراد منه ما يؤدّي إلى الحكم الكلّي، سواءٌ كان بمدلوله المطابقي أم الالتزامي، والمقام من الثاني؛ فإنّ مدلول الخبر المطابقي هو وجود الاجتهاد، وهو من هذه الجهة يكون إخباراً عن الموضوع، لكنّ مدلوله الالتزامي هو ثبوت الحكم الواقعي الكلّي الذي يؤدّي إليه نظر المجتهد.
فإن قلت: إنّ أدلّة حجّيّة خبر الثقة مختصّة بالإخبار عن حسّ ولا تشمل الإخبار عن حدس، ولذا لم تكن تلك الأدلّة دالّةً على حجّيّة فتوى المجتهد، مع أ نّها إخبار عن الحكم الكلّي إلّاأنّ مستنده الحدس.
قلت: إنّ الإخبار عن الاجتهاد من قبيل الإخبار عن الحسّ. نعم، المدلول الالتزامي- وهو الحكم الكلّي- إنّما كان بتوسّط الحدس، لكنّ هذا المقدار لا يقدح في الحجّيّة؛ لأنّ الحسّ إنّما يعتبر في المدلول المطابقي لا في الملازمة
[1] العروة الوثقى 1: 25