– ولو بالعموم من وجه- غير حجّة في نفسه، فحديث مسعدة في مادّة تعارضه مع الأخبار المفروض تواترها غير حجّة.
ثمّ إنّ مبنى المحقّق الهمداني رحمه الله هو تماميّة الاستدلال ببناء العقلاء على حجّيّة خبر الواحد، فيرد على ما ذكره في ما نحن فيه من عدم حجّيّة خبر الواحد في الشبهة الموضوعيّة أ نّه:
إن أراد عدم شمول دليل الحجّيّة له وقصوره في نفسه، ففيه: أنّ بناء العقلاء لا يفرّق فيه بين الشبهة الحكميّة والموضوعيّة.
وإن أراد تخصيصه بخبر مسعدة، ففيه: أ نّه مبتلى بالمعارض، وغاية ما هناك تساقطهما، فيكون المرجع بناء العقلاء؛ لعدم العلم بحصول الردع بعدما كان حديث مسعدة مبتلىً بالمعارض؛ إذ حينئذٍ وإن لم يصحّ الرجوع إلى أصالة عدم الردع- بمعنى إحراز جزء الموضوع بالأصل-، لكنّنا نقطع بأنّ بناء العقلاء لم يكن مردوعاً عنه في أوّل الشريعة، بل كان العقلاء يعملون به بلا ردع من النبي صلى الله عليه و آله، فكان ذلك إمضاءً له، فيجري استصحاب عدم النسخ بناءً على مبنى القوم من صحّة استصحاب عدم النسخ «1».
هذا هو الصحيح في تقريب الاستدلال ببناء العقلاء إذا شكّ في ثبوت الردع مع العلم بالإمضاء ابتداءً لو قلنا بصحّة استصحاب عدم النسخ.
أمّا إحراز جزء الموضوع بالأصل هنا فغير صحيح، لكنّهم يقولون: إنّ الموضوع مركّب من بناء العقلاء وعدم الردع، فأصالة عدم الردع محرزة لجزء الموضوع، والجزء الآخر موجودٌ وجداناً.