إشكاليّة عدم حجّيّة خبر الواحد في الموضوعات:
وهنا إشكالٌ يتّصل بحجّيّة أخبار تحليل الخمس حتّى الصحيح منها سنداً، وهو أنّ الخبر الواحد إنّما يكون حجّةً في الأحكام دون الموضوعات على ما هو المعروف بينهم[1]، وظاهر أخبار التحليل- كما سيجيء إن شاء اللَّه- هو التحليل المالكي لا الحكم الإلهي، ومن المعلوم أ نّه موضوعٌ من الموضوعات، تماماً كرضا زيد- مثلًا- في التصرّف بماله، ولا يثبت ذلك بالخبر الواحد، بل يحتاج ثبوته إلى البيّنة.
نعم، لعلّ التحليل بالنسبة إلى الأنفال متواتر، أمّا بالنسبة إلى الخمس فليس كذلك قطعاً، ولم ترد بيّنة على التحليل؛ فإنّه وإن وردت الشهادة على التحليل من أكثر من اثنين، لكن لم يشهدوا عندنا، وإنّما نقلت إلينا نقلًا، ولا بدّ في ثبوت البيّنة غير الثابتة وجداناً من قيام بيّنة كاملة على كلا جزءَي البيّنة، ولا يكفي قيام جزء منها على جزء منها وقيام جزء آخر على الجزء الآخر كما نحن فيه.
وأظنّ أنّ أوّل من أبدى هذا الإشكال هو الحاج آغا رضا الهمداني رحمه الله[2]، فبعد أن ذكر الأخبار وصال وجال في تزييف القول بتحليل الخمس قال: إنّ الخبر الواحد في تحليله ليس حجّةً؛ لأنّه [واردٌ] في الشبهة الموضوعيّة.
إلا أنّ تحقيق الكلام في المقام أن يقال:
إنّ من لا يرى حجّيّة الخبر الواحد مختصّةً بالشبهة الحكميّة، بل يقول
[1] انظر مثلًا: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 6: 171- 172
[2] مصباح الفقيه 14: 110