إذن: تخريج الحوالة على الأساس المتقدّم يتوقّف على إحدى دعويين:
الدعوى الاولى: التنازل عن اشتراط الدخول المتبادل للعوضين:
أن نلتزم بأ نّه لا يشترط في المعاوضة أن يدخل كلّ من العوضين في ملك من يخرج منه العوض الآخر؛ فإنّ هناك خلافاً بين الفقهاء في أ نّه هل يشترط في المعاوضة أن يدخل الثمن في ملك من خرج منه المثمن ويدخل المثمن في ملك من خرج منه الثمن، أم لا يشترط ذلك؟ وقد تمّ التعرّض لهذه المسألة في (مكاسب) الشيخ الأنصاري قدس سره[1]:
فإن قلنا: إنّه يشترط ذلك في باب المعاوضة، فلا يصحّ بيع الدَّين هنا؛ لأنّ الشرط مفقود؛ فإنّه لم يدخل المثمن- وهو الدَّين الذي لعمرو على زيد- في ملك مَن خرج منه الثمن، وهو خالد؛ فإنّ الثمن خرج من ملك خالد ودخل في ملك عمرو من دون أن يدخل المثمن- الذي هو عبارة عن دين عمرو في ذمّة زيد- في ملك خالد، وإنّما دخل في ملك زيد، فلا تصحّ المعاوضة ولا يمكن حينئذٍ تخريج الحوالة على البريء على أساس بيع الدَّين، فهو نظير ما إذا اشترى كتاباً بمال غيره.
وأمّا إن قلنا: إنّه لا يشترط في المعاملة دخول كلّ من العوضين في ملك مَن خرج منه العوض الآخر، بل يجوز أن يدخل المثمن في ملك مَن لم يخرج منه الثمن، وكذلك العكس- كما ذهب إليه المحقّق الإيرواني قدس سره في حاشيته على (المكاسب)[2]– فتصحّ المعاوضة هنا، ويتحقّق بيع الدَّين فيما إذا أحال زيد
[1] كتاب المكاسب 3: 86، 381
[2] حاشية كتاب المكاسب( الإيرواني) 1: 164، وما يرد في كلمات المحقّق الإيرواني قدس سره ممّا يفهم منه خلاف ذلك إنّما هو على مذاق الشيخ الأنصاري قدس سره