مناقشة التعريف الثالث:
ويرد على هذا التعريف:
أوّلًا: إنّ الماليّة والنوعيّة: تارةً تفرض شيئاً مستقلّاً في قبال العين، واخرى تفرض وجوداً تنزيليّاً لها:
أ- فإن فرضت وجوداً تنزيليّاً للعين، قلنا: إنّ العرف إنّما يعتبرها وجوداً تنزيليّاً ومسامحيّاً لها حينما يتنزّل من العين إلى المراتب المتأخّرة من النوعيّة والماليّة بالاضطرار، كما هي الحال في باب الغصب؛ فإنّه يجب عليه- أوّلًا وبالذات- إرجاع العين، ثمّ ومن باب الاضطرار وعدم وجود العين- لتلفها- يتنزّل إلى وجود مسامحي وتنزيلي لها، وهو ما يماثلها من المثل أو القيمة. لذا:
لو رجعت العين وجب عليه أداؤها.
ب- أمّا في المقام، فالمفروض أ نّه ليس عليه أداء العين وإن كانت موجودةً، وإنّما يجب عليه أداء النوعيّة والماليّة، فيما ذات العين أصبحت مملوكةً له لا يجب عليه ردّها. وهذا معناه أنّ النوعيّة والماليّة لوحظت مستقلّةً، من قبيل لحاظ الكلّي في مقابل الفرد، وهذا يرجع إلى المبادلة؛ فإنّ المبادلة ليست متقوّمةً بكونها بين مالين متباينين، بل يمكن أن تكون بين المصداق والكلّي، كأن يبيع أوقية من الحنطة معيّنةً بأوقية كلّيّة في الذمّة.
ثانياً: إنّ ما ذكره (دام ظلّه) خلطٌ بين باب العهدة وباب الذمّة؛ فإنّ العهدة إنّما هي ظرف وجوب الشيء على الشخص، والذمّة هي ظرف استقرار المال عليه، وهما:
أ- قد يجتمعان، كما في من غصب شيئاً وأتلفه، فقد اشتغلت ذمّته بالمال