الأسباب وكان القرض صحيحاً، فهو لا يستحقّ حينئذٍ شيئاً من الزيادة.
ويرد على هذا التخريج:
أوّلًا: إنّ الغرض النوعي الظاهر من نفس المعاملة هو الزيادة، ويُصبح بالاقتراض مُلزماً بأداء الزيادة، فيأتي فيه ما مضى من التعدّي عن مورد دليل حرمة الربا إلى هذا المورد بارتكاز عدم الفرق.
ثانياً: إنّ هذه المعاملة باطلة في نفسها، وتوضيح ذلك يكون بتحقيق معنى الجعالة بنحوٍ ينكشف منه معنى جملة من أبواب المعاملات، من قبيل المضاربة والمزارعة والمساقاة والمغارسة ونحو ذلك من الأبواب، فنقول:
حقيقة الجعالة:
يتصوّر في الجعالة بدواً ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأوّل: أن تكون معاوضةً بين العمل والجُعل. وهذا الاحتمال ساقطٌ حتماً، فقهيّاً وعقلائيّاً، وذلك بالتسالم فتوىً وارتكازاً على أ نّه لا معاوضة بين العمل وبين الجُعل في باب الجعالة، وإلّا كان الجاعلُ يستحقّ العملَ في مقابل هذا الجُعل، مع أ نّه لا يستحقّه في مقابله.
وهذا هو الفرق بين باب الجعالة وباب الإجارة: ففي إجارة الأعمال يكون المستأجر مستحقّاً للعمل على الأجير، بخلاف باب الجعالة.
الاحتمال الثاني: أن يفرض أنّ الجعالة تمليكٌ للمال تمليكاً مشروطاً بالعمل، فبابه باب التمليك المجّاني، لكنّه معلّق على العمل، ويلتزم بأنّ هذا التعليق قد صحّ في المقام على خلاف القواعد الأوّليّة التي تقتضي عدم صحّة التمليك المعلّق، فلا يمكن أن يقول مثلًا: «لك هذا الدرهم إن أمطرت السماء».
لكن في خصوص موارد الجعالة صحّ ذلك، على خلاف القاعدة.