التي يتوقّف عليها ثبوت المدلول الالتزامي، وإلّا فإخبار زرارة مثلًا عن قول الإمام- الذي هو إخبار عن موضوع- يكون أيضاً إخباراً عن الحكم الكلّي ويكون حجّة على المجتهد، وربّما يكون بتوسّط حدس المجتهد الذي هو حجّة عليه أيضاً ..»[1].
ويرد عليه:
أوّلًا: إنّ كلامه (دام ظلّه) مبتنٍ على أنّ العبرة في حجّيّة خبر الثقة وعدمها يكون بصدق عنوان كونه خبراً في الشبهة الحكميّة أو الموضوعيّة، وقد عرفت بما لا مزيد عليه- بعد التسليم بالتفصيل- أنّ الحجّيّة ليست دائرةً وجوداً وعدماً مدار عنوان كونه خبراً في الشبهة الحكميّة وجوداً وعدماً حتّى يقال بحجّيّة إخبار الثقة عن الاجتهاد بإرجاعه إلى الإخبار في الشبهة الحكميّة، بل دليل حجّيّة خبر الواحد لا يشمل هذا الخبر على المسلك الأوّل، وحديث مسعدة يدلّ على عدم حجّيّته على المسلك الثاني، وكون ما يلزمه حكماً ليس إلّاكاستلزام كلّ موضوع لأثره الحكمي، مع أنّ خبر الواحد غير حجّة فيه عند القائلين بالتفصيل.
ثانياً: إن أراد بما ذكره- من كون هذا الخبر دالّاً بالالتزام على الحكم الواقعي- ثبوتَ الحكم الواقعي واقعاً، فكون ثبوته من لوازم ثبوت الاجتهاد ممنوع؛ لاحتمال خطأ المجتهد.
وإن أراد منه ثبوتَ الحكم الواقعي تعبّداً[2]، فالملازمة مسلّمة، لكنّ هذا
[1] مستمسك العروة الوثقى 1: 38- 39
[2] « فهو غير ملازم لاجتهاد المجتهد وفتواه. وإن اريد ثبوت الواقع تعبّداً، فهو وإن كان ملازماً، ولكنّ الثبوت التعبّدي للواقع ليس جعلًا كلّيّاً، وإنّما هو جزئيٌّ من جزئيّات جعل الحجّيّة للمجتهد كبرويّاً: فما هو ملازمٌ ليس جعلًا كلّيّاً، وما هو جعلٌ كلّيٌّ ليس ملازماً.
وأمّا قياس الشهادة على الاجتهاد بالحكاية عن قول المعصوم عليه السلام، ففيه: وجود الفرق موضوعاً وحكماً.
أمّا الأوّل؛ فلأنّ الحكاية عن قول الإمام عليه السلام حاكية عن الحاكي للجعل الكلّي، وأمّا الحكاية عن الاجتهاد فليست كذلك؛ لأنّ الحاكي عن الحكم الشرعي ليس هو اجتهاد المجتهد، بل فتواه.
وأمّا الثاني؛ لأنّ شمول إطلاق خبر مسعدة بن صدقة للحاكية عن قول المعصوم عليه السلام محال؛ إذ يلزم من وجوده عدمه، بخلاف شمول الحكاية عن اجتهاد المجتهد»( من تعليقة الشهيد الصدر قدس سره على تقرير الشيخ محمّد إبراهيم الأنصاري( حفظه اللَّه) لهذا البحث)