الأمر الثاني: الفيء، مطلقه أو خصوص المناكح- الدالّ عليه حديث الفضيل على ما فيه من الاحتمالات كما عرفت- لا مطلق الأنفال، كالمعادن وميراث من لا وارث له.
نعم، في خصوص المعادن كانت السيرة [قائمةً] على استخراجها والتصرّف فيها كما يظهر ممّا ورد في لزوم إعطاء خمس المعدن[1]. وبما أنّ السيرة دليلٌ لبّيٌّ لا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن [منها]، فإنّما تثبت حلّيّتها مع حفظ جميع خصوصيّات ذلك الزمان. وأمّا لو اقتضت المصلحة العامّة صرف المعدن في المصالح العامّة، لم يثبت جواز حيازته لشخصٍ معيَّنٍ والتصرّف فيه كيفما شاء.
هذا ولا يمكن تعميم الحلّيّة بمثل ما ورد من أنّ «من حاز ملك»[2]، و «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه مسلمٌ فهو أحقُّ به»[3]؛ لعدم دلالتها على المقصود، إضافةً إلى إرسالها[4].
الأمر الثالث: خصوص الأرض، الدالّ عليه حديث مسمع [بن عبد الملك].
هذا كلّه على ما عرفت من مسلكنا من الإشكال في إطلاق هذه الروايات
[1] راجع: وسائل الشيعة 9: 491، الباب 3. ولاحظ تعليق الشهيد الصدر قدس سره على الأخبار الواردة في خمس المعدن في: اقتصادنا: 849، الملحق 11
[2] لم يرد حديثٌ بهذا اللفظ عند الخاصّة، بل وربّما حتّى عند العامّة، بل هو قولٌ تصيّده الفقهاء من مختلف الأبواب الفقهيّة، ثمّ نسب في كلمات بعضهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
[3] عوالي اللآلئ 3: 480، الحديث 4
[4] لاحظ تعليق الشهيد الصدر قدس سره على هذه الأخبار في: اقتصادنا: 523