لكنّ هذا الاحتمال خلاف الظاهر:
أ- فإنّ ظاهر قوله: «ما أنصفناكم ..» هو كون الخطر على المعطي، لا عليه وعلى الآخذ، وهو الإمام عليه السلام؛ فإنّ معناه أنّ عدم تكليفنا إيّاكم بذلك إنّما هو من باب اللطف والشفقة بكم، فلو كان الإمام عليه السلام نفسه شريكاً معهم في هذا الخطر لم يعدّ ذلك لطفاً وشفقةً بهم؛ إذ بذلك يكون عليه السلام قد أنجى نفسه من الخطر والهلكة.
وأنت ترى أ نّه إذا كان ذلك من باب التقيّة، فالخطر المتوجّه بهذا الإعطاء المخالف للتقيّة ليس مختصّاً بالمعطي، بل توجّهه إلى الآخذ أزيد؛ لأنّه إمامهم ورئيسهم، ولأنّ المعطين كلّ منهم مهما أعطى من المال فهو يعطي مرّةً واحدة، بينما يأخذ الإمام عليه السلام نفسه مائة مرّة، فخوف الشهرة أزيد بالنسبة إليه منهم، والخليفة أحرص على أخذ الإمام عليه السلام وقتله.
ب- ويمكن أن يبيَّن وجهٌ آخر لكون هذا الاحتمال خلاف الظاهر، وهو أ نّه لا فرق بين إعطاء الحقّ الواقع في يد هذا الشخص الشيعي الثابت قبل ذلك في يد غيره، وبين إعطاء الحقّ المتعلِّق بالمال الثابت في يده قبل ذلك في [كونهما مخالِفَيْن] للتقيّة؛ فكما لم يحلّل الثاني، فكذلك لا وجه لتحليل الأول؛ فإنّ عدم تحليل الثاني إن لم يكن خلاف الإنصاف فلا معنى لكون عدم تحليل الأوّل خلاف الإنصاف.
وفيه: إنّ هذا لا يوجب كون هذا الاحتمال خلاف الظاهر، وإنّما يثبت عدم الفرق بين هذين الحقّين، فيدلّ هذا الحديث- على هذا الاحتمال- على [تحليلهما معاً]، إلّاأن يدلّ دليل اجتهاديّ على عدم تحليل الثاني، فيجمع بينه وبين هذا الحديث بحمل هذا الحديث على غير هذا الاحتمال.