«ألا وإنّ ذلك حلال لشيعتنا» لأمكن أن يقال: إنّ كلمة (ذلك) إشارة إلى مطلق الحقّ لا إلى الحقّ المغصوب؛ لأنّ المذكور في الكلام السابق ليس هو الحقّ المغصوب وإنّما عنوان الحقّ، غاية الأمر أ نّه حمل عليه محمولان:
أحدهما: في صدر الحديث، وهو غصب الناس له.
والثاني: في ذيله، وهو حلّيّته للشيعة.
لكنّ الإنصاف عدم رجوع الإشارة إلى مطلق الحقّ أيضاً، بل إلى الحقّ المغصوب؛ فإنّ كلمة (حقّنا) المذكورة في الصدر مفعولٌ لقوله: «لم يؤدّوا»، فهو حقٌّ خاص، وهو الحقُّ المغصوب لا مطلق الحق.
وبالجملة: لو كان تعبيره عليه السلام بما عرفت كان لدعوى رجوع اسم الإشارة إلى مطلق الحقّ مجال، لكنّه عليه السلام لم يعبّر بهذا التعبير، بل قال: «ألا وإنّ شيعتنا من ذلك في حلّ»، وكون الشيعة في حلّ من ذلك غير كون المال حلالًا لهم، نظير قول أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام لأصحابه: «أنتم في حلٍّ من بيعتي»[1]، فهذا ليس معناه أنّ بيعتي حلالٌ لكم، بل كأ نّهم كانوا مشدودين بالبيعة وكانت البيعة ثقلًا ومشقّة عليهم، فيقول لهم عليه السلام: أنتم مرسلون ومطلقون عن ذلك وغير مشدودين به.
وكلمة (ذلك) في ما نحن فيه ترجع إلى عدم أداء العامّة؛ فإنّ عدم أدائهم- مع مخالطة الشيعة لهم ووقوع مالهم في أيديهم- شدٌّ وثقل ومشقّة على الشيعة، من هنا قال عليه السلام: «أنتم في حلّ من ذلك»، أي من عدم أداء العامّة، وليس المراد أ نّكم في حلٍّ من حقّنا، حيث المراد منه في هذا الحديث ما يستحقّه الإمام عليه السلام، الذي هو عين من الأعيان لا الاستحقاق؛ فإنّه لا يقال:
[1] الأمالي( الصدوق): 154