ج- أن نلتزم بما هو الحقّ [من ظهور الأمر في الوجوب ظهوراً عرفيّاً[1]][2].
وحينئذٍ: قد يشكل الأمر بأ نّه إذا رفعنا اليد عن هذا الظهور لورود الترخيص، فقد طرحنا الأمر حقيقةً، والأخذ بالاستحباب أخذٌ بما لا يفيده الأمر، [فهما في الحقيقة متعارضان].
والجواب: إنّ للأمر ظهورين عرفيّين طوليّين: الأوّل: ظهوره في الوجوب، والثاني: ظهوره في الاستحباب بعد سقوط الظهور الأوّل. وإذا ورد الترخيص فقد سقط الظهور الأوّل بالقرينة العرفيّة، وتصل النوبة إلى الظهور الثاني؛ فالأخذ بالاستحباب أخذٌ بالأمر، لا طرحٌ له. وهذه النكتة- كما ترى- لا تتأتّى في الأحكام الوضعيّة.
وقوله في ما نحن فيه: «عليه طسقها يؤدّيه إلى الإمام» ظاهرٌ في أ نّه ليس ذلك صِرف حكم تكليفيٍّ على المحيي، بل هو حكم وضعيّ، وأنّ الإمام مالكٌ للأرض، فيستحقُّ الاجرة ممّن تصرّف فيها بالإحياء.
ولا معنى لحمل ذلك على الاستحباب؛ فإنّ استحقاقه الوضعي وكون الشخص مديوناً ليس على قسمين: واجب ومستحبّ، إلّاأن يرفع اليد في مقام الجمع عن ظهوره في بيان الحكم الوضعي ويحمل على الحكم التكليفي الاستحبابي. لكنّ هذا ليس جمعاً عرفيّاً، بل هو عين الطرح في نظر العرف.
[1] راجع: بحوث في علم الاصول 2: 18، 54
[2] ما بين عضادتين أضفناه من تقريرات السيّد عبد الغني الأردبيلي رحمه الله بعد أن كان شبه ممحوٍّ من تقريرات السيّد كاظم الحائري( حفظه اللَّه)