وليعلم أنّ الطائفة الثالثة إنّما تعارض الطائفة الثانية، أمّا الطائفة الاولى فتقع في الرتبة المتأخرة؛ لأنّ دلالتها بالإطلاق، فلو تساقطتا تصل النوبة إليها.
وبالجملة: يمكن تطبيق قوانين باب التعارض هنا بوجوه:
الوجه الأوّل: حمل الطائفة الثالثة على استحباب إعطاء الخراج، وذلك بقرينة الطائفة الثانية، نظير ما لو ورد: «صلِّ صلاة الليل» وورد: «لا بأس بتركها»، فيحمل الأمر على الاستحباب.
وفيه: إنّه خلط بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة، وهذا الجمع إنّما يصحّ في الأحكام التكليفيّة، فيحمل الأمر فيها- إذا وردت الرخصة- على الاستحباب، دون الأحكام الوضعيّة؛ لأنّ نكتة صحّة الجمع هناك غير موجودة هنا، وهي أحد امور ثلاثة:
أ- أن نلتزم في باب دلالة الأمر على الوجوب بمبنى المحقِّق النائيني قدس سره[1]، وهو أنّ الوجوب حكمٌ عقليٌّ ثابتٌ عند ورود الأمر من المولى وعدم ورود الترخيص، كما أنّ الاستحباب يثبت عند وروده وورود [الترخيص]؛ فنكتة حمل الأمر على الاستحباب عند ورود الترخيص هي رفعه تكويناً لموضوع الوجوب وإثباته تكويناً لموضوع الاستحباب.
ب- أن نلتزم بمبنى المحقِّق العراقي قدس سره[2]، وهو أنّ دلالة الأمر على الوجوب هي على أساس الإطلاق، فالنكتة حينئذٍ هي معلوميّة كون ورود الترخيص رافعاً للإطلاق وحاكماً عليه.
[1] فوائد الاصول 1: 136- 137، وراجع: بحوث في علم الاصول 2: 18، 53
[2] مقالات الاصول 1: 208؛ نهاية الأفكار 1: 160- 163، 179- 180، وراجع: بحوث في علم الاصول 2: 20، 53