والجواب: منع ما ذكر من السيرة؛ فإنّه:
أ- إن كان المراد سيرة غير الإماميّة، فلا حجّيّة فيها.
ب- وإن كان المراد سيرة الإماميّة، فلعلّ عدم إعطائهم للُاجرة كان من ناحية أخبار التحليل، لا من ناحية عدم الوجوب رأساً؛ فما ذكره في (الجواهر)[1] بعد ذكر صحيحة الكابلي من أ نّه لا محصّل لها ليس له محصّل.
الأمر الثاني: إعراض الأصحاب عنها، وفيه:
أوّلًا: ما أثبتناه في علم الاصول من عدم موهنيّة إعراضهم[2].
ثانياً: منع ثبوت عدم عمل جميعهم بها وإن صرّح المتأخّرون بالملكيّة.
نعم، الثابت عند المتقدّمين إلى زماننا والمعلوم عند الكلّ عدم وجوب إعطاء الاجرة على الشيعة الإماميّة، ولعلّ هذا من ناحية أخبار التحليل.
ثالثاً: بعد فرض ثبوت عدم عملهم بها، لم يثبت أنّ ذلك كان من جهة الإعراض عن السند، بل لعلّه من جهة تقدّم مفاد الطائفتين الاوليين على مفاد هذه الطائفة على ما هو مقتضى بعض الوجوه الفنّيّة الآتية إن شاء اللَّه.
وبالجملة: الطائفة الثالثة ليست ساقطةً في نفسها عن الحجّيّة، بل لا بدّ من تطبيق قوانين باب التعارض على هذه الأخبار.
[1] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 38: 23
[2] ذهب الشهيد الصدر قدس سره في دورته الاصوليّة الثانية إلى أنّ إعراض المشهور عن العمل بخبر صحيح موجبٌ لسقوطه عن الحجّيّة، مع التزامه بأنّ عملهم بخبر ضعيف لا يوجب جبره( بحوث في علم الاصول 4: 426)، كما يظهر من أبحاثه الفقهيّة قبوله بموهنيّة إعراض المشهور إذا لم يكن مستنداً إلى اجتهادهم( بحوث في شرح العروة الوثقى 3: 436، و 4: 123)، وهو خلاف ما ذهب إليه في دورته الاصوليّة الاولى( مباحث الاصول ق 2، 2: 585، 590)، ولاحظ هامش المقرّر ص 588