الأمر الثاني: ما التزم به صاحب (الجواهر) في كتاب الخمس من التفصيل، وهو أيضاً خلاف إطلاقات الأخبار وكلام الأصحاب.
الأمر الثالث: أ نّه لا يشترط في ما يؤخذ بالفتح أن يكون ملكاً شرعيّاً للكفّار قبله، وتسليم أنّ المسلمين يغتنمون من إمامهم ماله بأخذهم له من الكفّار بالفتح، وهذا أيضاً لا يلتزم به الأصحاب.
الأمر الرابع: أنّ إحياء الكفّار للموات كإحياء المسلمين له، فيملكونه بذلك، فينتقل إلى المسلمين بالفتح كما التزم به صاحب (الجواهر) في كتاب إحياء الموات، وإن كان خلاف المشهور.
والحقُّ: أنّ إحياء الكفّار كإحياء المسلمين، لكنّهم لا يملكونها بالإحياء كما أنّ المسلمين أيضاً لا يملكون به، بل يحصل لهم حقٌّ فيها بذلك كما سنبيّنه إن شاء اللَّه، فبالفتح يقومون طرفاً للإضافة لذلك الحقّ مقام الكفّار.
[أقول]: إنّ دفع الإشكال عن إطلاق قولهم بأنّ الأرض المفتوحة عنوةً العامرةَ حين الفتح هي للمسلمين- أي إثبات كونها لهم ولو كانت خربة حين تشريع الأنفال- يكون بوجوه:
الوجه الأوّل: وهو مبنيٌّ على أنّ ما يكون للمسلمين بالفتح يكون من باب الغنيمة، وأنّ الغنيمة تختصّ بما كان للكفّار شرعاً، فحينئذٍ يكون معنى صيرورته للمسلمين صيرورته لهم على النحو الذي كان للكفّار: إن حقّاً فحقٌّ، وإن ملكاً فملكٌ، وإحياءُ الكفّار كإحياء المسلمين يوجب الحقّيّة، فتكون بعد الفتح للمسلمين.
لكنّ المبنى باطل؛ فإنّ ما ورد من أنّ ما اخذ بالسيف للمسلمين وأنّ أرض السواد للمسلمين مطلقٌ غير مختصّ بما كان للكفّار.