أمّا الجواب بالوجه الثالث فلا يصحّ هنا؛ لأنّ النسبة بين صحيح الكابلي- الحاكم بكون الأرض للإمام عليه السلام- وبين الآية الشريفة- الواردة في مطلق الغنيمة، لا خصوص الأرض- هي العموم من وجه، فليس لدينا عامّ فوقانيٌّ نرجع إليه، وهذا بخلاف ما لو كان المعارض حديث ملكيّة المسلمين للأرض المفتوحة عنوةً؛ فإنّه أخصُّ من صحيح الكابلي مطلقاً؛ لأخذ عنوان الأرض فيه.
الدليل الثاني: قوله تعالى: «وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[1].
فإنّ كلمة (ما) فيها نافية، وذلك بقرينة قوله: «وَ لا رِكابٍ» وبقرينة الاستدراك ب (لكنّ)، و الآية وردت في رفع استيحاشهم واستبعادهم كون جميع ذلك له صلى الله عليه و آله، فقالت في مقام التقريب: «إنّكم ما أوجفتم بخيل ولا ركاب فلا حقّ لكم فيه». وفيها نوع دلالة على أنّ ما أوجفتم عليه بخيل وركاب فلا ينبغي للرسول صلى الله عليه و آله ووصيّه عليه السلام أخذه، وإطلاقه يشمل ما لو كانت الأرض ميْتةً.
وفيه: منعُ ثبوت هذا الإطلاق؛ لعدم ثبوت كون الآية في مقام البيان من هذه الجهة. وبعد التسليم بإطلاقها تكون كالآية السابقة وتقدّم الأخبار المدّعاة عليها؛ لكون دلالتها بالعموم ودلالة الآية بالإطلاق.
واعلم أنّ الفيء قسمٌ من الأنفال، وهو الأرض التي لم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب.
الدليل الثالث: رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام: «كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلّااللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه فإنّ لنا خمسه ..»[2].
[1] الحشر: 6
[2] وسائل الشيعة 9: 487، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 5