وإمّا أن يكون ربحاً بيعيّاً، أي أنّ البنك يتاجر بهذه الودائع فيربح، وهذا فرض شاذّ.
فإن فرض الربح قرضيّاً، فلا يأتي هنا الإشكال الذي ذكره البعض من أنّ عود الربح إلى البنك مع عدم كون الوديعة قرضاً مملوكاً له خلاف قانون المعاوضة؛ فإنّ هذا الربح ليس من باب المعاوضة، وإنّما هو من باب الاشتراط والتباني، ومن المعقول- بحسب ارتكازات العقلاء- أن يجعل صاحب المال- الذي يقرض مالًا إلى شخصٍ- فائدةً على ذلك الشخص لشخصٍ ثالثٍ ويتبانيا على هذا الأمر، تماماً كما يصحّ عقلائيّاً تبانيهما على ثبوت فائدة لصاحب المال.
وعلى هذا: فنفرض أنّ صاحب الوديعة كما أذن للبنك بإقراض المال، كذلك أذن له أن يشترط في ضمن عقد القرض فائدةً لغير صاحب المال، أي للبنك.
تخريج ثالث من التخريجات العامّة للمعاملات الربويّة:
ويمكن أن يُصاغ عن هذا الطريق تخريج ثالث من تخريجات القروض الربويّة، فيصحّح به الاقتراض من البنك مع إعطاء الفائدة ويضاف إلى التخريجين السابقين[1]، وذلك بأن يقال: إنّ صاحب البنك يُقرض ما عنده من الوديعة وهو ليس مالكاً له، ويشترط الفائدة لا لصاحب المال حتّى يكون رباً، بل لنفسه، وهو شخص أجنبي، والربا إنّما هو شرط الزيادة لنفس صاحب المال، فقد عمل صاحب المال بقانون: «فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ»[2].
[1] اللذين تقدّما سابقاً تحت عنوان:( التخريجات العامّة للمعاملات الربويّة)
[2] البقرة: 279