التخريج الثالث: أن يبدّل صاحب الوديعة ماله الشخصي الجزئي إلى الكلّي في المعيّن، أي يبدّل ماله- وهو مائة دينار مثلًا- إلى كلّيِّ مائة دينار، لكن لا في ذمّة البنك، بل في المعيّن، أي في الأموال الخارجيّة التي هي مجموع أموال البنك وأموال المودعين. والمعيّن هنا: بعضه معيّن خارجاً، وبعضه معيّن ذمّةً؛ لأنّ أموال البنك بعضها في ذمم الناس، ولا بأس بذلك.
وأثر تبديل ماله الجزئي إلى الكلّي في المعيّن أ نّه: لو تلف مقدارٌ من المال مع بقاء مقدار ما يطلبه هذا الشخص، يكون ماله محفوظاً من دون ورود نقصان عليه.
وهذا الوجه يثبت ضماناً محدوداً لا مطلقاً؛ إذ ينتج: أ نّه ما دام في أموال البنك ما يفي بالوديعة كان ماله محفوظاً، وإلّا فالبنك معذور في المقام.
وهذا الضمان المحدود هو الذي يسمّى في الفقه الغربي ب (المسؤوليّة المحدودة)، وهذا هو الغالب في كثير من الشركات التجاريّة [والبنوك]، حيث الغالب فيها أنّ مسؤوليّة الضمان محدودةٌ في حدود أموال الشركة الموجودة خارجاً، بحيث لو لم يبقَ مال فلا يطالب ببستانه الذي ورثه من أبيه أو بأمواله الاخرى.
فهذه تخريجات ثلاثة للضمان كلّها مركوزةٌ عقلائيّاً وممضاةٌ شرعاً.
3- الأثر الثالث:
أمّا الأثر الثالث، وهو أنّ البنك يملك أرباح هذه الودائع، فهذا واضح بناءً على كونها قرضاً. أمّا بناءً على عدم كونها كذلك، فقد مضى من بعض الفقهاء أنّ الأرباح في هذه الحالة لن تكون للبنك؛ لكون ذلك خلاف قانون المعاوضة.
والتحقيق في المقام: إنّ الربح هنا: إمّا أن يكون ربحاً قرضيّاً، أي عبر الفوائد الربويّة التي يستفيدها البنك بإقراض هذه الودائع، وهذا هو الغالب.