بنفس مقتضى اليد، وهو ضمان الغرامة؛ فإنّ اليد على مال الغير توجب الضمان ما لم يرضَ صاحب اليد بعدمه، ولذا يثبت الضمان في باب العارية وينتفي عقلائيّاً حسب إرادة المعير.
التخريج الثاني: أن يكون هذا المال- بالرغم من بقائه على ملك مالكه الأوّل- مضموناً بضمان عقدي.
وفرقه عن الوجه السابق: أنّ الضمان في السابق كان ضمان اليد، أمّا هنا فنثبت الضمان بالعقد. وتوضيح ذلك: أ نّه يوجد عندنا عقدان باسم (عقد الضمان) بنحو الاشتراك اللفظي:
أحدهما: عقد الضمان الذي يُذكر في الكتب الفقهيّة بالمعنى الذي يُجعل في مقابل الحوالة والكفالة، وهذا ما يفسّره الفقهاء بأ نّه نقل المال من ذمّة إلى ذمّة[1]، وهو عقد صحيح عقلائيّاً وشرعاً. وهذا العقد- كما يظهر من نفس حقيقته وتفسيره- لا يعقل أن يطرأ إلّاعلى الديون، ويكون أثره الإبراء ونقل الدَّين من ذمّة إلى ذمّة.
ثانيهما: جعل الشيء في عهدته، وهذا معنىً عقلائيٌّ في نفسه، وكثيراً ما يقع بين العقلاء خارجاً. فمثلًا: يطلب شخصٌ من شخص آخر عاريةً وهو لا يستأمنه، فيأتي شخصٌ آخر ويقول: «أعره وأنا ضامن لهذا المال إذا تلف». والمجعول في هذا القرض ليس نقل المال من ذمّة إلى ذمّة؛ إذ ليس هناك دَين، وإنّما المجعول هو كون المال في عهدته؛ فكون المال على عهدة شخص كما يتحقّق بالغصب قبل تلف العين- فالغاصب قبل تلف العين يكون على عهدته
[1] انظر: الخلاف 3: 314؛ المكاسب والبيع( النائيني) 2: 297؛ مصباح الفقاهة 2: 192. وراجع: البنك اللاربوي في الإسلام: 231، الملحق( 9)