القرض؟ أم يمكن أن تكون- بحسب مقام الثبوت- معاملةً من العقلاء غير القرض؟!
المقام الثاني: إن ثبت في المقام الأوّل تصوّر غير القرض ثبوتاً، فما هو مراد هؤلاء العقلاء إثباتاً؟ أمّا إذا اخترنا في المقام الأوّل عدم تصوّر غير القرض، فلا تصل النوبة إلى المقام الثاني.
المقام الأوّل: التحليل الثبوتي للودائع البنكيّة:
أمّا المقام الأوّل: فهناك من الفقهاء من ذهب إلى أنّه في مقام الثبوت لا يتعقّل غير القرض في المقام، وذكر في وجه ذلك[1]: إنّه لا إشكال في أنّ البنك له أن يتصرّف في هذه الوديعة، ولو ربح كان الربح له لا للمودع؛ فإنّ المودع ليس له إلّاحصّة معيّنة في ذمّة البنك، وهذا لا يمكن تخريجه إلّاعلى القرض؛ فإنّه لو لم يكن قرضاً وكان وديعةً واستيماناً، فالإذن في التصرّف وإن كان معقولًا، لكن لا يعقل أن يكون الربح ملكاً للبنك؛ إذ قانون المعاوضة يقتضي انتقال الثمن إلى مالك المثمن وبالعكس.
إذن: فقد خرجت هذه الوديعة من ملك المودع إلى ملك البنك حتّى يتعقّل كون عوضها المشتمل على الربح حاصلًا في ملك البنك، ومن المعلوم أ نّه لم تخرج هذه الوديعة إلى ملك البنك مجّاناً وبنحو الهبة، فلا بدّ أن تكون قد خرجت من ملك المودع إلى ملك البنك على وجه الضمان، وهذا هو القرض.
والتحقيق في المقام: عدم انحصار الأمر ثبوتاً في القرض؛ ذلك أ نّنا نواجه هنا آثاراً أربعة لا بدّ من تفسيرها:
1- إنّ البنك يرى أنّ له أن يتصرّف في هذا المال.
[1] لاحظ مثلًا: بحوث فقهيّة( الحلّي): 104