6- ملكيّة الأراضي الخراجيّة، وفيها بحث:
أ- فقد يقال: إنّها من قبيل الوقف الذرّي، فلا تدخل في ملكيّة الجهة.
ب- وقد يقال: إنّها من باب ملكيّة العنوان، كما هو المستظهر من الأدلّة، وهذا العنوان:
ب 1: إمّا أن يكون طبيعيَّ المسلم بنحو صرف الوجود، بحيث يكون كلّ فرد في الخارج مصداقاً للمالك لا نفس المالك.
ب 2: أو يقال: إنّ الامّة الإسلاميّة بمجموعها شخصيّةٌ واحدة، نسبتها إلى زيد وعمرو كنسبة زيد إلى اذنه وعينه وأنفه، وهذه الشخصيّة المعنويّة الواحدة هي المالكة الحقيقيّة، وهذان النحوان يرجعان إلى ملكيّة الجهة.
والصحيح من هذه الاحتمالات الثلاثة هو الاحتمال الأخير.
فتحصّل أنّ ملكيّة الجهة أمرٌ يساعد عليها الارتكاز العقلائي والفقهي، ويكفي في ثبوتها شرعاً عدم الردع. أمّا الاستشكال بأنّ الجهة ليست أمراً واقعيّاً والملكيّة عرضٌ يحتاج إلى محلّ، فلا ينبغي الإصغاء إليه والبحث في صحّته وبطلانه؛ لوضوح جوابه.
ثانياً: بعد أنّ كان للجهة ملكيّةٌ، فتثبت لها الذمّة أيضاً بالارتكاز العقلائي.
نعم، لو لم تكن تملك لما كانت لها ذمّة أيضاً؛ إذ كيف يتصوّر وفاؤها بما في ذمّتها؟!
ونوضح هنا أيضاً ثبوت الذّمة بالارتكاز العقلائي والفقهي عبر ذكر أمثلة:
1- الاستقراض على ذمّة الوقف إذا فرض أنّ متولّيه رأى حاجته إلى بناء ولم يكن له غلّة وافية بالفعل، وهذا مصرّح به في كلمات الفقهاء[1]، وعلى طبقه
[1] مستمسك العروة الوثقى 9: 368؛ المستند في شرح العروة الوثقى( الإجارة): 7