والخصوصيّات- قانونُ الشركة في التجارة بدلًا عن الودائع الربويّة- وذلك بأن يكون نفس أصحاب الأموال مشتركين في ذلك المشروع أو تلك الصناعة أو المؤسّسّة، لهم ما لصاحب المشروع من منافع وعليهم ما عليه من خسائر- لحصلت الفوائد عينها ومشى المشروع، ولم تحصل تلك المضارّ الهائلة.
ومن المفاسد التي ترتّبت على الربا: انحسار التجارة عمّا لا يكون ربحه أكثر من سعر الفائدة الربويّة، بينما قد يكون ذلك الشيء أهمّ من مشروع آخر تتّجه إليه التجارة؛ لكون ربحه أكثر بكثير من سعر الفائدة الربويّة.
ومن المفاسد أيضاً أنّ المرابي حينما يعطي المال، لا يفكّر في نجاح المشروع وإنجاحه والظروف التي يعيشها المشروع ومن يتبنّاه إلّابالقدر الدخيل في قدرة المدين على دفع الفائدة الربويّة إن لم يكن قادراً على الدفع عن طريق آخر، بينما لو كانت المعاملة على أساس الشركة في التجارة، لكان من يدفع المال إلى ذلك التاجر يفكّر أيضاً في نجاح المشروع وإنجاحه، وكان يلاحظ الظروف الموضوعيّة للمشروع ولمن يتبنّى ذلك المشروع.
على أنّ الحركة الربويّة تناقض دائماً الحركة التجاريّة والمصلحة التجاريّة؛ إذ يُجري المرابون على سعر الفائدة قانون العرض والطلب: فحينما يشتدّ احتياج التجّار إلى المال يمتنعون عن بذله إلّابسعرٍ غال، وحينما يقلّ احتياجهم يضعون الأموال على المسرح ويبذلونها بفائدةٍ رخيصة.
وقد أثّر رواج الربا بهذا الترتيب في علم الاقتصاد والفكر الاقتصادي، فأخذوا ينسجون من وجهة النظر العلميّة مبرّرات للربا، وإذا بقي لنا مجالٌ نعقد في آخر البحث خاتمةً نستعرض فيها جملةً من تلك المبرّرات التي نسجوها في المقام[1].
[1] ولم تسنح الفرصة له قدس سره باستعراض ذلك