وبالرغم من كون المرابين طفيليّين على مائدة أموال الناس، والمترقّب أن يكون حظّهم أقلّ من حظّ أصحاب الموائد أنفسهم، إلّاأنّ حظّهم أصبح أكثر؛ وذلك لأنّ نفعهم مضمونٌ، سواءٌ ربحت التجارة أم خسرت، فهم يرون أنفسهم مالكين لمالين طوليّين: أحدهما: نفس المال الذي يُقرضونه، وثانيهما: الأجل؛ فكأنّ المال تلقائيّاً ينمو بمضيّ الزمن عليه في ذمّة الناس، بلا حاجة إلى أيّ تعب من قبل صاحب المال، فيرون لأنفسهم حقّ إلزامين طوليّين: أحدهما: الإلزام بوفاء الدَّين مع القدرة، والثاني: الإلزام بالفائدة عند عدم الوفاء.
والإسلام- اجتذاذاً لُاصول الربا وفكرة استحقاق هذا الإلزام- لم يقتصر على المنع عن الإلزام، بل منع رأساً عن إيقاع المعاوضة على الأجل، ولو مع رغبةٍ من المدين ودون إلزامٍ له.
هذا تمام الكلام في المباحث التمهيديّة الثلاثة.