والنتيجة: أ نّه حينما يستودع شخصٌ عشرة دنانير يُقرض [الصيرفي] بقوّة ذلك تسعين ديناراً.
ثمّ جاء دور الصناعات الكبيرة والمشاريع الضخمة، من قبيل استخراج النفط ونحو ذلك، واحتاج أصحابها إلى أموال هائلة لإنجاز المشروع، ولا يمكنهم جمع المال من الناس بسلطتهم جبراً وقهراً عليهم؛ لأنّ ذلك خلاف منطق الرأسماليّة والحريّة المفروضة، كما لا يمكنهم جمعها عن طريق التبرّعات؛ إذ قد تربّى الناس على العقليّة المصلحيّة، وكلّ واحد منهم إنّما تعاون واشترك في إمضاء قوانين الرأسماليّة وإنجازها بدافعٍ من مصلحته الخاصّة، فمتى يسوغ لهم بذل المال في مشروع مجّاناً بداعي التبرّع مثلًا؟!
وهنا قال الصيرفي: إنّني أستطيع أن أجمع لكم فاضل أموال الناس: ففتح باب أخذ المال من الناس بعنوان الاقتراض مع إعطاء الفائدة بدلًا عمّا كان يصنعه سابقاً من أخذ الودائع مع تقاضي الاجرة على حفظ المال، فأخذ الناس يدفعون إليه فاضل أموالهم، بل أخذوا يحبّذون الضغط على أنفسهم في المعيشة حرصاً على أخذ الفائدة، وأخذ الصيرفي يقتصر في إعطاء الفائدة على أقلّ قدر ممكن منها ممّا يفي بجلب أموال الناس، ثمّ يعطي هذه الأموال الهائلة إلى أصحاب تلك المشاريع مع أخذ الربا منهم.
وقد تمخّض هذا الدور عن لا مساواة غريبة بين الناس، فاجتمعت الأموال الهائلة والمنافع الكثيرة في جيوب جماعةٍ معيّنين منهم، هم الصيارفة، بل أصبحوا بذلك يتحكّمون في البلاد ويؤثّرون على العباد في سنّ قوانين لصالح معاملاتهم الربويّة.
وقد كان ذلك في البلاد الأوروبيّة في ظلّ شروط خاصّة وحالات نفسيّة معيّنة، ولو أ نّه طُبّق في مكان آخر- يختلف عنها في [الظروف]