المتعارضين ولو كان بالعموم من وجه.
ج- أو نقول: إنّ الطائفتين تعارضتا وتساقطتا، فنرجع إلى أدلّة تحريم الربا إطلاقاً.
نعم، لولا الدليل الخاصّ على جواز الزيادة في غير المكيل والموزون في البيع لكان لأخبار: «لا يكون الربا إلّافي ما يُكال أو يوزن» معارِضان كما مرّ:
أحدهما: دليل حرمة الربا القرضي.
والثاني: دليل حرمة الربا المعاملي.
ولا يمكن تقديم كليهما على أخبار: «لا يكون الربا إلّافي ما يُكال أو يوزن»؛ إذ لا يبقى لها موردٌ حينئذٍ، فيقع التعارض بين نفس دليلَي حرمة الربا في القرض وحرمته في البيع، ولا يمكن الرجوع إلى العامّ الفوقاني؛ لأنّه مُخصّصٌ بأخبار: «لا يكون الربا إلّافي ما يُكال أو يوزن».
هذا هو تمام الكلام في بيان الاعتذار الثاني.
والتحقيق: أنّ هذا الاعتذار غير صحيح أيضاً؛ إذ هذه الصناعات إنّما تتأتّى إذا لم يكن دليل نفي حرمة الزيادة بلسان الحكومة، وأمّا إذا كان بلسانها، كما في قوله: «لا يكون الربا إلّافي ما يُكال أو يوزن»- المفروض فيه نفيه لحرمة الربا في غير المكيل والموزون بلسان الحكومة-، فهو مقدّم على كلّ ما يعارضه، سواءٌ كان هذا أخصّ منه وجهاً أم أخصّ منه مطلقاً.
والتحقيق في حلّ المشكلة أ نّه:
أ- إمّا أن يُحمَل قوله: «لا يكون الربا إلّافي ما يُكال أو يوزن» على أ نّه نفي حقيقي واقعي، أي أ نّه يبيّن أنّ الزيادة لا تتحقق حقيقةً في غير المكيل والموزون، فحينئذٍ لا بدّ أن نقول: إنّ المراد من المكيل والموزون هنا المثلي، وأن تكون هذه الرواية إشارة إلى النكتة العقلائيّة التي بيّنّاها سابقاً من أنّ الزيادة