وهذه أحسن من سوابقها؛ لأنّ سندها معتبر[1].
لكن مع ذلك، يرد على الاستدلال بها: أنّ المقصود منها المثلي، بقرينة قوله: «كراهية أن يأخذ ماله». هذا إذا لم يدّع أنّ نفس المال في أمثال هذه الموارد ينصرف إلى النقد، وإلّا: فأيّ شيء يأخذه وينمّيه؟! وما يتعارف أخذه وتنميته هو النقد.
والتحقيق: حلّ المشكلة عن طريق تتميم دلالة المطلقات ومنع إجمالها، وتوضيح ذلك: إنّ تلك المطلقات لا تشمل الأرباح التجاريّة المتعارفة؛ فإنّ ربا الشيء بمعنى زيادة ذلك الشيء[2]، وهذا لا يصدق في مثل مبادلة عينٍ قيمتُها دينار بألف دينار؛ إذ هنا لم تحصل زيادةٌ في ذلك الشيء نفسه، وإنّما استبدل القليل بالكثير.
فنقول: إنّ للربا- بمعنى الزيادة في الشيء نفسه- ثلاثة مصاديق:
المصداق الأوّل: الزيادة في القرض في مقابل التأجيل: بأن يكون له في ذمّة زيد مقدار من المال، فيستمهله زيد، فيمهله بشرط أن يكون له في ذمّته أكثر ممّا كان بدينارٍ مثلًا، وهذا يصدق عليه حقيقةً الزيادةُ في الشيء نفسه؛ فإنّه زاد ما كان له في ذمّته.
المصداق الثاني: الزيادة في القرض نفسه ابتداءً، لا في مقابل التأجيل:
[1] حيث رواها في( التهذيب) و( الاستبصار) عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار( تهذيب الأحكام 6: 205، الحديث 21؛ الاستبصار 3: 10، الحديث 8)، وراجع طريقه إليه في: الفهرست: 242، رقم( 356)
[2] كتاب العين 8: 283؛ ترتيب جمهرة اللغة 2: 18- 19؛ الصحاح 6: 2349؛ معجم مقاييس اللغة 2: 483؛ لسان العرب 14: 304؛ المصباح المنير: 217؛ القاموس المحيط: 1659