نُقل إلى جزء آخر من ذمّة المحال عليه، وحيث إنّ الجزء الآخر كان تحت سلطان المحال عليه نفسه فكان لا بدّ من دخله الإنشائي.
وأمّا هنا: فحيث فرضنا أنّ الدَّين ينتقل إلى نفس الجزء من الذمّة الذي كان يملكه المحيل دون الأجزاء الاخرى فكان لا بدّ من دخل المحيل فيه؛ لأنّه تصرّف في ملكه- وهو الجزء من ذمّة المحال عليه- ولا دخل للمحال عليه فيه؛ لأ نّه ليس تصرّفاً في ملكه وفي شأن من شؤونه.
وأمّا القول الثالث: وهو أنّ الحوالة- بناءً على أ نّها تغيير للمدين- تصرّف قائم بين المحيل والمحتال والمحال عليه ولكلٍّ من هؤلاء الدخل الإنشائي فيه، فهو مبنيّ على نسف المبنى الذي تدخّل في التقريب السابق وعدم تبنّي الرأي القائل بأنّ الدائن يملك جزءاً من ذمّة مدينه. فإذا لم نتبنَّ هذا القول، فمعناه أنّ ذمّة المحال عليه بكاملها مملوكة لنفسه، وهي بجميعها تحت سلطان نفسه، ولا يملك الدائن أيّ جزءٍ منها. وحيث إنّ الحوالة تتضمّن التصرّف في ذمّة المحال عليه فهي تصرّف يمسّ شأنه، فلا بدّ من دخله الإنشائي، كما أنّ للمحتال الدخل الإنشائي؛ لأنّها تصرّف في ماله الذي يملكه في ذمّة المحيل، وللمحيل أيضاً الدخل الإنشائي؛ لأنّها تصرّف في ماله الذي يملكه في ذمّة خالد (المحال عليه).
هذا هو غاية ما يمكن من توضيح التقريبات الثلاثة.
وحينئذٍ: فلا إشكال في بطلان التقريب الأوّل؛ لأنّه مبنيّ على أنّ للدائن الحقّ في أن يشغل سائر الأجزاء من ذمّة المدين غير الجزء الذي يملكه. وهذا غير صحيح؛ فإنّ الحوالة لا توجب إشغال ذمّة المحال عليه بكاملها، بل إنّ الدَّين الثابت للمحتال على المحيل ينتقل إلى نفس الجزء من الذمّة الذي يملكه المحيل على المحال عليه.