أنّ الاستدعاء مسألة اخرى لا تمتّ إلى موضع البحث بصلة.
أمّا القول الأوّل، فيتحقّق صدقه على التقريب المزبور، وأنّ الحوالة على مدين- بناءً على أ نّها تغيير للمدين- تصرّفٌ قائم بين المحتال والمحال عليه فقط.
وأمّا القول الثاني، وهو أنّ الحوالة هنا تصرّف بين المحيل والمحتال دون المحال عليه، فهو مبنيّ على أن نفترض أنّ الدائن كما يملك المال في ذمّة مدينه، فكذلك يملك من ذمّة المدين ذاك المقدار الذي يستوعبه المال، فهو مالك للمال وللذمّة، لا بكاملها بل لجزءٍ منها، وهو الجزء الذي انحفظ فيه المال، فتكون الحوالة حينئذٍ- بناءً على النحو الرابع- تصرّفاً في شأن المحيل والمحتال دون المحال عليه:
أمّا المحيل؛ فلأ نّه دائن ويملك جزءاً من ذمّة مدينه (المحال عليه) كما مرّ، فله التصرّف فيه بإشغاله بما يريد، بشرط أنّ لا يتعدّى الجزء المملوك له إلى سائر أجزاء ذمّة المدين (المحال عليه).
وأمّا المحتال؛ فلأ نّه هو الذي يملك المال في ذمّة المحيل، فإذا أراد المحيل نقله من ذمّة نفسه إلى ذمّة اخرى فهو يتضمّن تصرّفاً في ملك المحتال، فلا بدّ من دخله الإنشائي.
وأمّا المحال عليه، فلا دخل له؛ وذلك لأنّه ليس تصرّفاً في ملكه وفي شأن من شؤونه.
والفرق بين هذا التقريب- الذي يحقّق صدق القول الثاني وأنّ الحوالة هنا تصرّف بين المحيل والمحتال دون المحال عليه- وبين التقريب الأوّل- الذي حقّق صدق القول الأوّل وأ نّها تصرّف بين المحتال والمحال عليه دون المحيل-: أنّ التقريب الأوّل مبنيّ على أنّ الدَّين الذي ينقل من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه لا يُنقل إلى نفس الجزء من الذمّة الذي كان يملكه المحيل، بل