هناك احتمالًا آخر للتنازل، وهو أن يكون تنازلًا عن الدَّين عن طريق المعاوضة، بحيث يكون أحد العوضين فيها نفس سقوط الدَّين، والعوض الآخر هو المال الموجود في ذمّة المحال عليه، فحينئذٍ تكون الحوالة عقداً؛ لأنّها تمسّ شأنين: شأن المحيل وشأن المحتال.
وتختلف هذه المعاوضة عن المعاوضة في النحو الثالث؛ فهناك ينتقل الدَّين إلى مَن هو عليه، وهنا يسقط الدَّين عنه.
3- وأمّا النحو الثالث: وهو أن تكون الحوالة عبارة عن تغيير الدائن، فيظهر حاله ممّا ذكرناه في النحو الثاني؛ فإنّ الحوالة إمّا أن تكون على مدين وإمّا على بريء:
أ- فإن كانت على مدين، فهي مبادلة مال بمال؛ فإنّ المال الثابت للمحيل في ذمّة المحال عليه بودل بالمال الثابت للمحتال في ذمّة المحيل، فهي معاوضة إنشائيّة، والأداة الإنشائيّة لها هي العقد، ولكلّ من المحيل والمحتال دخل إنشائي فيها، سواءٌ أكان الأوّل هو البائع والثاني هو المشتري أم بالعكس.
وأمّا المحال عليه، فلا دخل له أصلًا في المعاوضة، لا بنحو الإنشاء ولا بنحو الإذن: فأمّا الأوّل؛ فلأ نّه لم يقع تصرّف في ماله وفي شأن من شؤونه كي يكون له دخل إنشائي فيه. وأمّا الثاني؛ فلأنّ المعاوضة لا توجب تلف حقّ على المحال عليه كي يكون له دخل إذني فيها.
ب- وإن كانت الحوالة على بريء، فقد خرّجناها سابقاً على أحد تقريبين:
التقريب الأوّل: البناء على أنّ المعاوضة لا يشترط فيها دخول كلّ من العوضين في ملك من خرج منه العوض الآخر؛ فحينئذٍ يقال: إنّ أحد العوضين هنا هو المال الثابت في ذمّة المحيل للمحتال، والعوض الآخر هو مال المحال