وأمّا النكتة في جعل القانون معاملةً تحت سلطة شخص واحد فهي: أن يكون التصرّف فيها ماسّاً شأن شخص واحد ولا ينصبّ على شؤون أشخاص آخرين؛ فبعد قيام الدليل على صحّة معاملة تمسّ شأن شخص واحد، فإنّه لا يفتقر إلى قيام دليل آخر على كونها إيقاعاً، بل القاعدة العقلائيّة والإطلاق المقامي يقتضيان ذلك، من قبيل العتق؛ فإنّه يمسّ شأن شخص واحد، وهو المولى المالك دون غيره، ومن هنا كانت الولاية له فقط، فبعد قيام الدليل على صحّة العتق، فإنّه لا يفتقر إلى قيام دليل آخر على كونه إيقاعاً، بل ذلك ما تقتضيه القاعدة العقلائيّة المزبورة.
نعم، قد تنخرم القاعدة أيضاً؛ فنرى في معاملة أ نّها تمسّ شأناً واحداً لا أزيد، ومع ذلك حكم القانون بأ نّها تتقوّم بشخصين وجعل ولايتها لهما دون شخص واحد، فيكون تخصيصاً للقاعدة وتقييداً للإطلاق المقامي.
فالميزان النوعي في كون المعاملة تحت سلطة شخص واحد كونُها لا تمسّ أكثر من شأن واحد، والميزان النوعي في كونها تحت سلطة شخصين أو أكثر كونُها تمسّ شأنين أو أكثر من ذلك. وهذه القاعدة جارية عقلائيّاً في كلّ مورد.
ومن هنا: حيث جعلنا الميزان النوعي في جعل المعاملة تحت سلطان شخص واحد كونها تمسّ شأناً واحداً، وقع الإشكال في جملة من المعاملات التي تعتبر عندهم من العقود رغم أ نّها تمسّ شأناً واحداً، وذلك من قبيل الهبة؛ فإنّها تمسّ شأن الواهب فقط، وأمّا المتّهِب فليست الهبة تصرّفاً يمسّ شأناً من شؤونه، فينبغي أن تكون إيقاعاً، والحال أ نّهم جعلوها من العقود.
وكذلك المضاربة والمزارعة والمساقاة؛ فإنّها تمسّ شأن المالك فقط، ولا تقتضي تملّك المالك عملَ العامل كالإجارة كي يقال: إنّها تمسّ شأن العامل