جعل هذه المعاملة تحت سلطة شخصين أو أكثر، ولا يكتفى فيها بالشخص الواحد.
2- وأمّا الخصوصيّة الثانية: فكون معاملة إيقاعاً مرجعه إلى أنّ القانون قد جعل هذا التصرّف تحت سلطة شخص واحد.
إذن: فما هي النكتة في أن يجعل القانون المعاملة تحت سلطة شخصين أو أكثر أو تحت سلطة شخص واحد؟
إنّ النكتة والملاك النوعي في جعل القانون معاملةً تحت سلطة شخصين أو أزيد هو أن يكون التصرّف منصبّاً على شأنين لا على شأن واحد. وبتعبير أوضح: أن يكون التصرّف ماسّاً شأن شخصين أو أكثر، وحينئذٍ: فبحسب الارتكاز العقلائي والإطلاق المقامي تكون المعاملات- التي هي من قبيل البيع والصلح والإجارة- من العقود؛ فإنّ التصرّف فيها ينصبّ على شأن شخصين:
مالك السلعة ومالك الثمن، فلا يصحّ فيها الاكتفاء بتقوّمها بشخص واحد.
فهذه قاعدة عقلائيّة جارية في العقود كافّة، ولا يجب أن يدلّ دليل على أنّ البيع- مثلًا- عقد، بل تكون القاعدة العقلائيّة حاكمة بذلك بعد قيام الدليل على صحّة المعاملة.
نعم، قد تنخرم هذه القاعدة في بعض الموارد، فنرى أنّ المعاملة تمسّ شأن شخصين، ومع ذلك حكم القانون بتقوّمها بشخص واحد وجعل ولايتها له وحده من دون أن تكون الولاية لمجموع الشخصين، وذلك كالطلاق؛ فإنّه معاملة تمسّ شأن كلّ من الزوجين؛ فإنّ الزوجيّة ثابتة لكلٍّ منهما، وكان مقتضى القاعدة العقلائيّة المزبورة أن تكون ولاية الطلاق لمجموع الزوجين، إلّاأ نّه دلّ النصّ على جعل ولايته للزوج فقط ولا دخل للزوجة في ذلك، فحينئذٍ:
تخصّص القاعدة بأمثال هذا المورد، ونقيّد ذاك الإطلاق المقامي الذي كان يقتضي في المقام ثبوت الولاية لمجموع الشخصين.