الملكيّة التي كانت ثابتة للمدين على ذمّته قبل أن يكون مديناً، لا أ نّه إحداث لملكيّة جديدة كي يرد عليه إشكال الشيخ قدس سره.
فمرجع بيع الدَّين على من هو عليه هو بيع وعاء الدَّين، أي بيع المقدار من الذمّة الذي كان يملكه الدائن، لا بيع نفس الدَّين وإن كان تعبير الفقهاء: «بيع الدَّين على من هو عليه»؛ فإنّ المراد- بحسب النكتة التي ذكرناها- هو بيع الوعاء والذمّة؛ فإنّ الدائن يملك الظرف والمظروف معاً كما ذكرنا آنفاً، فإذا باع الدائن دينه على مدينه فهو حقيقةً بيع الظرف لا بيع المظروف؛ إذ يسترجع المدين بهذا البيع سلطانه الذي كان ثابتاً له على ذمّة نفسه قبل إشغالها بالدَّين، والذي فقده عند إرهاقها بالدَّين.
فهذا هو التفسير الصحيح والتخريج الفقهي لبيع الدَّين على مَن هو عليه.
فإذا تبيّنت لنا هذه المقدّمة بوضوح، نأتي إلى محلّ الكلام، وهو الوفاء، فنرى أنّ الوفاء: تارةً يكون الموفي فيه هو المدين، واخرى يكون شخصاً آخر:
أ- فإن كان الموفي هو المدين: فتارةً نلحظ الوفاء بالنسبة إلى المظروف، واخرى بالنسبة إلى الظرف:
فإن كان وفاءً للمظروف، فهو تطبيق للمال الرمزي على المال الخارجي- وقد سبق بيانه- وليس معاوضة.
وإن كان وفاءً للظرف- أي يكون المدين قد استرجع بوفائه سلطنته على ذمّته-، فهذا معاوضة إن كان الموفى به مالًا خارجيّاً؛ إذ تحصل المعاوضة القهريّة بين المقدار من الذمّة الذي كان يملكها الدائن على المدين وبين ما يدفعه المدين إلى الدائن في مقام الوفاء.
ب- وإن كان الموفي غير المدين ولكن بإذن من المدين، فهو يقوم بنفس العمليّة التي كان يقوم بها المدين نفسه؛ أي يطبّق الكلّي على مصداقه، فلا تكون