لا يوجد هناك من يكون دائناً له، فقبل أن يكون مديناً يملك ذمّة نفسه فقط، ومعنى ملكيّته لذمّته هو تسلّطه عليها بحيث يحقّ له إشغالها وجعلها مدينة بما يشاء من الأموال، فإذا أعمل هذا السلطان الثابت له على ذمّة نفسه فأشغلها بمنّ من حنطة مثلًا لزيد، أصبح زيد بذلك مالكاً لمنّ من حنطة في ذمّة المدين نتيجة إعمال المدين سلطنته على ذمّته وجعلها مدينة لزيد. ثمّ حيث إنّ زيداً (الدائن) يملك منّاً من حنطة في ذمّة المدين، فإنّه يملك بنفس المقدار نفس الوعاء والذمّة من المدين، أي يكون الدائن مالكاً لذمّة المدين بمقدار ما هو مالك للمال الثابت في الذمّة، وهذا يعني انتقال تلك الملكيّة التي كانت ثابتة للمدين على ذمّة نفسه إلى الدائن، فيترتب للدائن أمران:
الأمر الأوّل: مالكيّته للمظروف، وهو عبارة عن المنّ من الحنطة.
الأمر الثاني: مالكيّته للظرف، وهو عبارة عن المقدار من الذمّة، الذي هو وعاء للمنّ من الحنطة.
ومن هنا يصحّح بيع الدَّين على من هو عليه في مقابل الإشكال الذي أورده الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره في (المكاسب)[1] على بيع الدَّين على من هو عليه بأ نّه غير معقول؛ إذ يصبح الشخص دائناً لنفسه.
والحال أنّ بيع الدّين على من هو عليه صحيح عندهم ومسقط للدَّين؛ فقد خرّجه جملة- منهم السيّد الاستاذ (دام ظلّه)[2]– بأنّ مرجع بيع الدَّين على من هو عليه إلى تمليك المدين بالملكيّة الحقيقيّة ذاك المقدار من الذمّة الذي افتقده عند صيرورته مديناً كما ذكرنا آنفاً؛ فبيع الدَّين على مَن هو عليه هو إرجاع لتلك
[1] ذكره الشيخ الأنصاري قدس سره في: كتاب المكاسب 3: 11- 12
[2] مصباح الفقاهة: 2: 59