مستدلّة، وهذا يعني ما يقصده المذهب العقلي تماماً.
ثالثاً: ويتناول النجّار ما قرّره كتاب «فلسفتنا» عن المادّة، إذ يؤكّد الكتاب أنّ وجود المادّة افتراضٌ عقليٌّ وليس افتراضاً تجريبيّاً، لأنّ «الوردة التي نراها على الشجرة أو نلمسها بيدنا، إنّما نحسّ برائحتها ولونها ونعومتها وحتّى إذا تذوّقناها فإنّنا نحسّ بطعمها ولا نحسّ في جميع تلك الأحوال بالجوهر الذي تلتقي جميع هذه الظواهر عنده، وإنّما ندرك هذا الجوهر ببرهان عقلي يرتكز على المعارف العقليّة الأوّليّة …»[1].
وعلّق النجّار على ذلك متسائلًا:
«لا ندري ماذا يريد بالجوهر! وكيف أثبته بالمعطيات العقليّة! وهل يعني إذا لم تكن لدينا هذه المعطيات، فإنّ المادّة ليس لها وجود! وهل يستطيع الإنسان أن يدرك الجوهر (الوردة) بمعطياته العقليّة إذا أبعدناه نهائيّاً- بالمعنى الساذج للكلمة- عن الوردة ومحيطه الاجتماعي!»[2].
ولكى نشرح ما يريده كتاب «فلسفتنا» من هذا الجوهر، يجب أن نتحدّث عن الوردة التي أمامنا [والتي] نصفها بصفات عديدة: فهي وردة حمراء اللون، ناعمة الملمس وقويّة الرائحة ومرّة المذاق …
وواضح أنّ ما يقع في نطاق الحسّ، إنّما هو الحمرة والنعومة والرائحة والطعم، غير أنّ الإنسان- أيّ إنسان- يدرك لأوّل وهلة وهو يتحدّث عن هذه الصفات التي أحسّها، أ نّها كانت كلّها صفات لشيء واحد وهو المحور الذي يستقطب كلّ تلك الصفات، لأنّنا بدون افتراض هذا المحور، سوف لن نجد أ يّة
[1] فلسفتنا: 92
[2] مجلّة الثقافة: 36