البديهيّات المجرّدة فيقول:
«إنّ الماركسيّة إذ تؤكّد بأنّ الناس لا يمكنهم أن يحصلوا على المعارف إلّا من خلال تعلّمهم وتربيتهم، تجاربهم وإحساساتهم، أي في وسط محيطهم الاجتماعي، فهي لا تنكر وجود البديهيّات المجرّدة (الواحد نصف الاثنين). وهذه المعارف مستقلّة عن التجربة المخصوصة لكلّ فرد على حدة، إلّاأ نّها ليست منتجات عقليّة ذاتيّة وفطريّة مولودة مع الإنسان ومستقلّة عن التجربة الإنسانيّة. أي أ نّها ليست تخيّلات حرّة خاصّة تضطرّ النفس إلى الإذعان [بها] والاستسلام لها دون دليل أو برهان.
إنّ مثل هذه المعارف حقيقيّة ومشتقّة ومستعارة من الواقع الخارجي …»[1].
ولا ندري ماذا يقصد ا لنجّار بالاشتقاق من الواقع الخارجي؟!
فإذا كان يعني أنّ مبدأ عدم التناقض- مثلًا- أو القضيّة القائلة: «الواحد نصف الاثنين» له واقعٌ موضوعيٌّ وليس مجرّد افتراض ذهني فحسب، فهو صحيح. ولكن لا صلة له بالقضيّة- موضوعة البحث-، وهي طريقة توصّل العقل البشري إلى هذا المبدأ.
وإن كان يريد من الاشتقاق أنّ هذه المعرفة مستدلّة بالواقع وليست معرفة غنيّة عن الدليل، فهو خطأ من وجهة نظر منطقيّة، لأنّ أيّة عمليّة استدلال بالواقع على قضيّة تستبطن وتفترض مسبقاً مبادئ يقوم على أساسها الاستدلال من التلازم والعلّيّة والضرورة وعدم التناقض؛ إذ لولا افتراض مبادئ من هذا القبيل مسبقاً لا يمكن أن تتمّ أيّة عمليّة استدلال بشيء على شيء. وما دامت كلّ عمليّة استدلال تفترض مسبقاً مبادئ من هذا القبيل، فيجب أن تكون لدينا مبادئ غير
[1] مجلّة الثقافة: 35