اجتماع النقيضين؛ لأنّها ليست من عناصر هذا المفهوم، ولهذا كان قولنا ذلك يختلف عن قولنا: اجتماع النقيضين هو اجتماع النقيضين. وهذا الفارق المعنوي بين القولين، يبرهن على أنّ القول الأوّل ليس مجرّد قضيّة تكراريّة.
وما دام مبدأ عدم التناقض قضيّة إخباريّة تركيبيّة، فالمشكلة تعود من جديد؛ لأنّ المنطق التجريبي مطالب عندئذٍ بتفسير الضرورة واليقين في هذه القضيّة الإخباريّة. فإنّ زعم أنّ هذه القضيّة الإخباريّة مستمدّة من التجربة، كسائر المعارف الرياضيّة الطبيعيّة أصبح عاجزاً عن تفسير الفرق بينها وبين القضايا الطبيعيّة. وإذا اعترف المنطق التجريبي بأنّ مبدأ عدم التناقض يعبّر عن معرفة عقليّة سابقة على التجربة، ويستمدّ ضرورته من طابعه العقلي الأصيل، كان هذا يعني هدم القاعدة الأساسيّة في المنطق التجريبي وإسقاط التجربة عن وصفها المصدر الأساسي للمعرفة البشريّة.
وهكذا تبقى قصّة اليقين في القضايا الرياضيّة على أساس المنطق التجريبي معلّقة.