بأنّ الاثنين أحياناً تكون ثلث الأربعة.
2- أنّ تكرار الأمثلة والتجارب لا أثر له بالنسبة إلى القضيّة الرياضيّة، بينما يلعب دوراً إيجابيّاً كبيراً في القضايا الطبيعيّة. فنحن كلّما نجد أمثلة أكثر لتمدّد المعادن، أو غليان الماء بالحرارة، ونمارس عدداً أكبر من التجارب بهذا الصدد، نزداد تأكّداً من القضيّة العامّة ووثوقاً بها. وإذا وجدنا قطعة مغناطيسيّة واحدة تجذب الحديد، لم يكفنا ذلك لكي نؤمن بأنّ المغناطيس يجذب الحديد، ما لم نكرّر التجربة ونستوعب عدداً أكبر من الأمثلة والنماذج.
ولكنّ الأمر بالنسبة إلى القضايا الرياضيّة يختلف اختلافاً كبيراً، فإنّ الإنسان في اللحظة التي يستطيع فيها أن يجمع خمسة كتب وخمسة كتب اخرى، ويعرف أنّ مجموعهما عشرة، يمكنه أن يحكم بأنّ كلّ خمستين تساوي عشرة، سواء كانت الأشياء المعدودة كتباً أو أشياء اخرى، ولا يزداد اليقين بهذه الحقيقة بتكرار الأمثلة وجمع النماذج العديدة.
وبتعبير آخر. أنّ اليقين بهذه الحقيقة الرياضيّة يصل منذ اللحظة الاولى من إدراكها إلى درجة كبيرة، لا يمكن أن يتجاوزها، بينما نجد اعتقادنا بالقضايا الطبيعيّة يزداد باستمرار كلّما تظافرت التجارب، وأكّدت باستمرار صدق القضيّة وموضوعيّتها.
3- إنّ قضايا العلوم الطبيعيّة وإن كانت تستبطن تعميماً وتجاوزاً عن حدود التجربة ولكنّ هذا التجاوز المستبطن لا يتعدّى حدود عالم التجربة، وإن تعدّى نطاقها الخاصّ. فنحن حين نقرّر أنّ الماء يغلي لدى درجة معيّنة من الحرارة، نتجاوز المياه التي وقعت في نطاق تجاربنا الخاصّة إلى سائر المياه في هذا الكون، ولكنّنا إذا اجتزنا عالم التجربة، وتصوّرنا عالماً آخر غير هذا العالم الذي نعيش فيه، فمن الممكن أن نتصوّر الماء في ذلك العالم وهو لا يغلي عند تلك