هذه الدنيا أمامنا لكي نفكّر بأننا أتقى من هارون الرشيد؟
ما هي دنيانا؟ هي مسخ من الدنيا، هي أوهام من الدنيا، ليس فيها حقيقة إلّا حقيقة رضا اللَّه سبحانه وتعالى، إلّاحقيقة رضوان اللَّه. كلّ طلبة حاله حال علي ابن أبي طالب، إذا كان يعمل للدنيا فهو أتعس الناس؛ لأنّ أبواب الدنيا مفتوحة، خاصة إذا كان الطلبة له قابلية، له إمكانية، له ذكاء، له قابليات، هذا أبواب الدنيا مفتوحة له، فإذا كان يعمل للدنيا فهو أتعس الناس؛ لأنّه سوف يخسر الدنيا والآخرة. لا دنيا الطلبة دنيا ولا الآخرة يحصل عليها. فليكن همّنا أن نعمل للآخرة، أن نعيش في قلوبنا حبّ اللَّه سبحانه وتعالى بدلًا عن حبّ الدنيا؛ لأنّه لا دنيا معتدّ بها عندنا.
الأئمة عليهم الصلاة والسلام علّمونا بأن نتذكر الموت دائماً[1]، يكون من العلاجات المفيدة لحبّ الدنيا أن يتذكر الإنسان الموت. كل واحد منّا يعتقد بأنّ كل من عليها فان، لكن القضية دائماً وأبداً لا يجسّدها بالنسبة إلى نفسه. من العلاجات المفيدة أن يجسّدها بالنسبة إلى نفسه، دائماً يتصوّر بأ نّه يمكن أن يموت بين لحظة واخرى. كل واحد منّا يوجد لديه أصدقاء ماتوا، إخوان انتقلوا من هذه الدار إلى الدار الاخرى. أبي لم يعش في الحياة أكثر مما عشت حتى الآن. أخي لم يعش في الحياة أكثر مما عشت حتى الآن. أنا الآن استوفيت هذا العمر، من المعقول جداً أن أموت في السن التي مات فيها أبي، من المعقول جداً أن أموت في السن التي مات فيها أخي. كل واحد منّا لابدّ وأن يكون له قدوة من هذا القبيل. لابدّ وان أحباباً له قد رحلوا، أعزّة له قد انتقلوا لم يبقَ من طموحاتهم شيء، لم يبقَ من آمالهم شيء. إن كانوا قد عملوا للآخرة فقد رحلوا إلى مليك
[1] انظر مثلًا: الكافي 2: 122، 131؛ 3: 255