أمّا من حيث الدلالة، فمحطّ الاستدلال فيها قوله: «فإن كانت أرضاً لرجل …». وقد يقال: إنّ جملة: «الأرض للَّهولمن عمرها» مجملة؛ إذ كلا الشخصين يصدق عليه أ نّه قد عمرها. لكنّ هذا الإجمال في غير محلّه، ولا ينبغي الإشكال في أنّ المقصود منها هو الشخص الثاني؛ لعدّة قرائن في الرواية، منها:
أ- قوله في المقدّمة: «فإن كانت أرضاً لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها»؛ فإنّ ذكر كلّ هذه القيود- أي: «غاب عنها» و «تركها» و «أخربها»- يكون بحسب الفهم العرفي توطئةً لتقبّل الحكم بانتزاع الأرض [من الأوّل]، وإلّا فما هو الداعي للإتيان بهذه الكلمات التي كأ نّها تبيّن تقصير الرجل الأوّل؟!
ب- قوله: «فإنّ الأرض للَّه»؛ إذ ما هي نكتة البدء باللَّه تعالى؟
فلو كان المقصود جعل الملكيّة للثاني، كانت نكتة ذلك واضحة؛ فكأ نّه يقول: الأرض وإن كانت ملكاً للرجل الأوّل، لكنّها ليست حقّاً ذاتيّاً أصليّاً له حتّى يقال: كيف تنتزع منه؟ بل هي للَّه عزّ وجلّ، وكانت عارية عند الأوّل، وحيث أساء بالعارية انتُزعت منه.
أمّا لو كان المقصود جعل الملكيّة للأوّل، فلا تبقى نكتة عرفيّة واضحة لذلك.
فبهذه القرائن تكون الرواية كالصريحة تقريباً في ملكيّة الثاني.
الرواية الثانية:. رواية أبي خالد الكابلي الذي رواه الكليني والطوسي بسندٍ معتبر، عن أبي جعفر عليه السلام: «وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»[1] …»، إلى أن قال: «وله ما أكل
[1] الأعراف: 128