أ- أمّا المرجّح الثاني فواضح؛ فإنّ العامّة لا يُفتون بملكيّة الإمام عليه السلام، بل بملكيّة المحيي.
ب- وأمّا المرجّح الأوّل؛ فلأنّ الطائفة الرابعة مخالفة لعموم آية: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ»[1]، بناءً على ما نقّح في محلّه من أنّ الاستثناء متّصل، وأنّ معناه: لا تأكلوا أموالكم بينكم بأيّ سبب؛ فإنّه باطل، إلّاأن يكون تجارةً عن تراض؛ فيدلّ على حصر سبب الأكل المحلّل في ما يكون عن تراضٍ وتعامل بين الطرفين[2].
ومن المعلوم أنّ أحد مصاديق الأكل- إن لم يكن أبرزها- هو التملّك، والطائفة الرابعة تدلّ على أنّ المحيي يملك الأرض ملكيّة مجعولة من قبل اللَّه عزّ وجلّ، أي ملكيّة غير منوطة برضا المالك- وهو الإمام عليه السلام- والتعامل بينهما؛ فهذه الملكيّة داخلة في عموم النهي عن أكل المال بالباطل الوارد في الآية الشريفة، فتعيّن العمل بالطائفة الاولى.
وبهذا يثبت أنّ الأرض المحياة تبقى ملكاً للإمام عليه السلام.
نعم، يثبت للمحيي حقّ الأولويّة؛ وذلك ببركة الطائفة الثانية من الطوائف الأربع التي قلنا في ما سبق: إنّ مفادها هو الحقّ والأولويّة المتناسب مع الملكيّة ومع عدم الملكيّة، فإذا ضممنا الطائفة الثانية إلى الطائفة الاولى التي تمّت حجّيّتها فعلًا، يتحصّل أنّ الملكيّة للإمام عليه السلام، وأنّ هذا الحقّ المجعول في الطائفة الثانية مختلف عن الملكيّة وليس هو مجرّد الإباحة المالكيّة، أي أن
[1] النساء: 29
[2] لاحظ تعليق الشهيد الصدر قدس سره على الآية الكريمة في: اقتصادنا: 832( الملحق 4)، 862( الملحق 14)؛ بحوث في شرح العروة الوثقى 2: 246. وراجع: مفاتيح الغيب( تفسير الرازي) 10: 57؛ الميزان في تفسير القرآن 4: 318؛ تفسير آيات الأحكام( السايس): 305