يعمره»، بأن يكون معناه: أنّ الإمام عليه السلام يقبّله من جانب المسلمين ممّن يعمره فيحييه فيصير للمسلمين؛ لأنّ من أحيى أرضاً فهي له.
وهذا خلاف الظاهر؛ لأنّ التفريع يحتاج إلى مؤونة زائدة.
الاحتمال الثالث: ما فهمه الأصحاب من أنّ المراد: أنّ تقبيلَ الإمام عليه السلام- [أعني] الخراج- يكون للمسلمين، أي يقبّله من شخص كي يصرف منفعة ذلك للمسلمين.
وهذا أيضاً خلاف الظاهر؛ لأنّه لم يذكر في السابق كلمة التقبيل، وإنّما هي متصيّدة من قوله: «فقبّله».
واعلم أ نّهم قالوا: إنّ هؤلاء الذين أسلموا طوعاً لو خربت أرضٌ عامرة لهم دخلت في ما مضى من قوله: «ما لم يعمروه منها»، لكن لم تخرج عن ملكهم.
فلأجل جمعهم بين القول بعدم خروجها عن ملكهم والقول بالاحتمال الثاني من الجملة الاولى والاحتمال الثالث من الجملة الثانية، حكموا بأ نّه لو خربت أرض كانت عامرة في يد من أسلم عليها طوعاً يتقبّلها وليُّ المسلمين من أحدٍ يزرعها، فيعطي مقداراً من الزرع له؛ لحقّ الزراعة، ويعطي اجرة المالك، ويصرف الباقي في مصارف المسلمين، وذلك جمعاً بين هذا الحديث وبين الأدلّة العقليّة والنقليّة الدالّة على عدم جواز التصرّف في مال الغير. وصحّة هذه الفتوى وعدمها موكولان إلى المقام الثالث.
و أقول هنا: إنّ هذا الحديث معتبر سنداً ومعمولٌ به عند أكثر الأصحاب، لكنّهم فهموا منه ما عرفت وأفتوا به، والذي نفهمه منه: أنّ ما كان من أرضهم لم يعمر أصلًا فهو ملكٌ للمسلمين، وهو أخصُّ من أخبار مالكيّة الإمام عليه السلام