ولم يثبت جواز التسلّط على ذمّته قهراً عليه أيضاً حتّى يقال: إذا جاز ذلك جاز أخذ الفائدة الربويّة منه.
وتوضيح المقصود: إنّ الكافر تارةً: يفرض التسلّط على ماله الخارجي مجّاناً وقهراً عليه، واخرى: يفرض التسلّط على ذمّته وتملّك شيء في ذمّته قهراً عليه ومجّاناً، كأن يُنشئ المسلم ثبوت مائة دينار في ذمّة هذا الكافر بلا أيّ سبب خارجي ويقال بنفوذ هذا الإنشاء.
ويختلف الثاني عن الأوّل كما هو واضح، ويترتّب عليه آثار شغل الذمّة:
من قبيل أ نّه لو مات الكافر انتقل ما في ذمّته إلى تركته، وكان للمسلم أن يأخذ ذلك من تركته، بحيث لو جاء مسلمٌ آخر يريد أن يتملّك التركة مجّاناً- لكون ورثته كفّاراً غير ذميّين- كان حقّ المسلم الأوّل مقدّماً عليه؛ إذ هو مالكٌ بالفعل لبعض التركة.
وهذا الأثر ونحوه من الآثار لا يترتّب على الأوّل، وهو تملّك ماله الخارجي، والذي دلّ الدليل على جوازه هو الأوّل دون الثاني، ولا ملازمة عقلائيّة بين جواز تملّك ماله [الخارجي] قهراً عليه وبين جواز السلطنة على ذمّته قهراً؛ فإنّ الثاني أشدّ- في نظر العرف- من الأوّل ويختلف عنه، ولا يوجد هنا ارتكازُ عدم الفرق.
إذا عرفت هذا نقول: إنّ أخذ الربا وثبوت الفائدة عليه يكون بمعنى إشغال ذمّته بالفائدة، وثمّة ملازمة عقلائيّة بين جواز إشغال ذمّته مجّاناً وقهراً عليه وبين جواز إشغالها بالفائدة بواسطة القرض الربوي، بمعنى أ نّه إذا جاز الأوّل فالعرف لا يحتمل عدم جواز الثاني.
لكنّنا قلنا: إنّه لم يثبت جواز إشغال ذمّته بالمال مجّاناً وقهراً عليه، ولا ملازمة أو عينيّة بين جواز أخذ ماله الخارجي قهراً عليه وبين جواز إثبات