وبإمكانه تحصيل هذا الهدف بأن يشترط في ضمن ذلك البيع أن يكون عليه- على كلّ شهر يؤخّر الأداء فيه- كذا مقدارٍ من المال، وهذا شرط مشروع؛ فإنّ من يبيع شيئاً بإمكانه أن يشترط أن يكون عليه في كلّ شهر إعطاء درهم للبائع، وهنا قد جعل نفس الشرط، إلّاأ نّه مقيّد بعدم الوفاء بالثمن. وبهذا تصبح هذه الحيلة وافيةً بسهولة بكل أهداف المرابي، ولعلّها أدهى حيلة في المقام.
ولا يخفى أنّ هذه الحيلة إنّما تتمّ إذا لم نقل بأنّ أدلّة حرمة البيع الربوي في المكيل والموزون تشمل مطلق المثليّات. أمّا إذا أثبتنا ذلك بوجهٍ من الوجوه، كما يشهد لذلك التعريف القديم للمثلي والقيمي بالمكيل والموزون- والتعبير بالمثلي والقيمي لم يكن موجوداً في زمن الأئمّة عليهم السلام[1]-، فتبطل هذه الحيلة؛ لأنّ النقود مهما كان شكلها فهي مثليّة.
نعم، إن لم نقل بذلك كان لهذه الحيلة صورة؛ إذ النقود التي في زماننا ليست مكيلًا ولا موزوناً، وقد أفتى المشهور من طبقة المتأخّرين جدّاً- أعني طبقتنا والطبقة التي قبلنا- بصحّة هذه الحيلة، وقد ذهب السيّد الاستاذ (مدّ ظلّه)[2] إلى التفصيل بين ما لو قيّد البدل بقيدٍ مغاير لما اعطي (كأن يعطي مائة دينار أوراقاً من فئة دينار، ويجعل ثمن ذلك اثنتي عشرة ورقة من فئة عشرة دنانير) وبين ما لو لم يقيّد البدل بقيد من هذا القبيل (كأن يبيع المائة دينار بمائة
[1] كما ذكر قدس سره تحت عنوان:( الإشكال الثاني: معارضة نصوص المكيل والموزون)
[2] لم نعثر على هذا التفصيل بهذه الصورة في تقريرات دروس السيّد الخوئي رحمه الله في دورتَيه الاولى والثانية:( محاضرات في الفقه الجعفري)،( مصباح الفقاهة) و( التنقيح)، ويُحتمل أن يكون الشهيد الصدر قدس سره قد سمع منه هذه العبارات شفاهاً، وربما يؤيَّد ذلك بما يأتي منه قدس سره بعد قليل حيث يقول:« ونحن حينما كنّا نورد عليه( مدّ ظلّه) هذا الإشكال …»