إلّا أنّ الصحيح عدم إمكان العمل بها؛ وذلك لأنّ الظاهر منها- كما فهمه العاملون بها- أنّ هذا ليس تخصيصاً في دليل حرمة الربا، وإنّما هو علاجٌ للفرار من الربا، ولهذا تعدّى العاملون بها إلى اسلوب آخر، وهو أن يهبه شيئاً ويشترط في ضمن الهبة تأجيل الدَّين.
إذن: فمفاد هذه الروايات هو تحويل الحرمة المستفادة من الآية الشريفة من مصبّها الذي يفهم عرفاً من كلمة الربا- وهو الإلزام بالزيادة، الشامل لمثل الإلزام بهذا البيع المحاباتي- إلى مصبّ آخر، كالمبادلة بين الأجل والمال مثلًا، فكأ نّها تقول: إنّ بيع الأجل غير جائز، من قبيل ما يقال من أنّ بيع المصحف غير جائز مثلًا، أو أنّ بعض الحقوق غير قابل للبيع، كحقّ الحضانة وحقّ الشفعة مثلًا، ولا يكون ذلك مربوطاً بحرمة الإلزام بالزيادة، فتكون هذه الروايات مخالفةً لظاهر العنوان المأخوذ في الكتاب لا مقيّدةً له، فتسقط عن الحجّيّة بمخالفتها للكتاب.
على أنّ جملةً من تلك الروايات لا تشتمل على مسألة إلزام الدائن للمدين بذلك، ومن المعلوم أ نّه لا إشكال في البيع المحاباتي إذا لم يكن بإلزام من قبل الدائن، كما لو لم يطالب الدائن بالأداء وكان يسمح بالتأخير، لكنّ المدين خاف أن يرجع الدائن في رأيه عن ذلك، فأوقع معه بيعاً محاباتيّاً مشترطاً في ضمنه تأجيل القرض؛ فإنّ هذا ليس من الربا في شيء.
وإن وجد في تلك الروايات ما يشتمل على مسألة الإلزام التي بها قوام الربا، فلا يوجد في أكثر من روايتين، فنسقطهما عن الحجّيّة بالمعارضة مع الكتاب الكريم؛ فإنّها ليست كثيرةً حتّى يستغرب سقوطها لاستفاضتها مثلًا.
وقد ظهر ممّا ذكرناه الحال في أخبار العِينة[1] التي يسأل فيها الراوي
[1] راجع مثلًا: وسائل الشيعة 18: 41، الباب 5 من أبواب أحكام العقود، الحديث 4