نلتزم به في المقام أيضاً: فإذا كان لعمرو منٌّ من حنطة في ذمّة زيد، ولزيد منٌّ من حنطة في ذمّة خالد ببيع السّلم- بأن كان زيد قد أعطى الثمن، وكان في ذمّة خالد أن يعطيه المنَّ من الحنطة وقت حلول الأجل- فحينئذٍ لا يجوز أن يبيع زيدٌ المنَّ من الحنطة الثابت له على خالد بالمنِّ من الحنطة الثابت لعمرو عليه ما دام لم يقبض المنّ من الحنطة الثابت له على خالد.
إذن: فهذا النحو الثالث يصحّ بعموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[1] وبالأدلّة الخاصّة في باب البيع.
4- وأمّا النحو الرابع: وهو تغيير المدين، فلا إشكال في أ نّه لا تشمله الأدلّة الخاصّة الواردة في باب البيع وباب الجعالة وباب الصلح وباب الهبة وغيرها؛ فإنّه لا ينطبق عليه أيّ عنوان من هذه العناوين؛ فليس بيعاً ولا صلحاً ولا جعالة ولا هبة، فينبغي تصحيحه بالعمومات، كعموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، وهذا يتوقّف على أن لا يكون المنصرف من العقود ما كان معهوداً في عصر الشارع. وأمّا لو بنينا على أنّ المنصرف من الآية هو العقود المعهودة في عصر الشارع، فلا يمكن تصحيح النحو الرابع إلّاإذا أثبتنا أ نّه حوالة: فإن أثبتنا ذلك فتشمله أدلّة الحوالة، وإن لم نثبته فلا يصحّ.
وحيث إنّ المختار في الآية هو عدم انصرافها إلى خصوص ما هو المعهود في عصر الشارع، بل تشمل غيره أيضاً، فيصحّ هذا النحو الرابع أيضاً استناداً إلى عموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[2].
إذن: فالأنحاء الأربعة كلّها صحيحة بالعمومات والأدلّة الخاصّة الواردة في البيع والجعالة وغيرها بلا حاجة إلى التمسّك بأدلّة الحوالة. نعم، يفيد
[1] ( 1 و 2) المائدة: 1
[2] ( 1 و 2) المائدة: 1