التقريب الثاني: بالمعاوضة القهريّة؛ أي بنحو ينتقل نفس الدَّين الذي كان لزيد في ذمّة خالد إلى عمرو في ذمّة خالد، وهذا يحتاج في توضيحه إلى مقدّمة، وهي:
إنّ جملة من الفقهاء قدس سرهم ذكروا[1] في باب تعاقب الأيادي الغاصبة على العين المغصوبة إذا تلفت العين في يد الأخير أنّ للمالك مطالبة أيّ واحد منهم شاء بالقيمة، فلو طالب المالك مَن قبل الأخير ووفّى هذا للمالك قيمة العين التالفة فيرجع هذا إلى الأخير قائلًا له: «أنا أعطيت ضمان العين التي تلفت في يدك فأنت ضامن لي بما دفعته إلى المالك».
وقد خرّج جملة منهم- كالمحقّق الإصفهاني والمحقّق النائيني رحمهما الله والسيّد الاستاذ (دام ظلّه)[2]– هذا الحكم، وهو الحكم برجوع مَن قبل الأخير إلى الأخير بما دفعه إلى المالك من قيمة العين التالفة بتخريج فقهي، وهو الالتزام بالمعاوضة القهريّة بين ما دفعه من قيمة العين التالفة وبين العين التالفة؛ أي أنّ هذا الذي دفع قيمة العين التالفة لمالكها كأ نّه ملك العين التالفة بالمعاوضة القهريّة بين ما دفعه من القيمة وبين العين التالفة، بحيث لو كان قد بقيت للعين التالفة أنقاض، فهي ملك لهذا الدافع دون المالك.
وحينئذٍ: فحيث إنّ الدافع يملك العين التالفة بالمعاوضة القهريّة وقد أتلفها الأخير، فيرجع إلى الأخير ويطالبه بما دفعه إلى المالك.
فإذا تبيّنت لك هذه المقدّمة، فالمقام من هذا القبيل أيضاً؛ حيث إنّ عمروا
[1] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 37: 34
[2] نقله المحقّق الإصفهاني رحمه الله في: حاشية كتاب المكاسب 2: 325، كما نقله السيّد الخوئي رحمه الله في: مصباح الفقاهة 4: 381