توهّمه بعضهم[1] بتخيّل أنّ الوفاء عبارة عن تبديل مالكيّة الدائن للمال الذمّي إلى المال الخارجي؛ فهو معاوضة بين المال الذمّي والمال الخارجي.
ولكنّ هذا غير صحيح، ويظهر وجه عدم صحّته بالتأمّل في معنى الذمّة الذي سبق ذكره؛ فإنّ الذمّة هي الوعاء الاعتباري للأموال الرمزيّة التي تكون مرآة للأموال الخارجيّة، ونسبتها إلى الأموال الخارجيّة نسبة المعنى الحرفي إلى المعنى الاسمي. وحيث إنّ الدائن يملك مالًا رمزيّاً في ذمّة المدين، فوفاؤه عبارة عن تعيين المال الرمزي في المال الخارجي؛ أي تبديل المال الرمزي الحرفي إلى المال الخارجي، الذي هو روح ذلك المال الرمزي؛ فليس بين المال الرمزي والمال الخارجي اثنينيّة كي يصدق على الوفاء أ نّه معاوضة، بل المال الرمزي هو المال الخارجي، غاية الأمر أ نّه رمز له ومرآة لتصوّره.
وإن شئت قلت: إنّ المال الرمزي لو كان بنفسه مالًا، فهو مغاير للمال الخارجي، ويكون تبديله به معاوضة بينهما؛ حيث إنّ الاثنينيّة متحقّقة بينهما، إلّا أنّ المال الرمزي ليس مالًا حقيقة، بل هو أمر ذهني لوحظ مرآة للمال الخارجي؛ فهو مال اعتباري، والمال الحقيقي هو المال الخارجي؛ فلا مغايرة بينهما كي تتحقّق المعاوضة.
وبالجملة: فالوفاء ليس معاوضة، بل هو عنوان مستقلّ في مقابل سائر المعاوضات والعناوين، ومرجعه إلى تعيين المال الرمزي في المال الحقيقي، فلنلاحظ أنّ الحوالة هل هي وفاء أم لا؟
لا إشكال في أنّ الحوالة ليست وفاءً بالمعنى الذي سبق- وهو تعيين المال
[1] المعروف لدى الفريقين تمييزهم بين الاستيفاء والمعاوضة، ولكن نقل عن بعض أهل السنّة تعريفه الاستيفاء بأ نّه معاوضة( تذكرة الفقهاء 13: 378)