يكون دائنه زيداً أو عمرواً، فإذا تغيّر الدائن لا يضرّ به شيئاً. وأمّا الدائن، فيفرّق في حاله بين أن يكون مدينه زيداً أو عمرواً؛ فقد يكون المدين الأوّل أسهل في طلب الحقّ منه من المدين الثاني. ولأجل هذا، فلا يضرّ إن قيل بجواز حوالة الحقّ وتغيير الدائن دون حوالة الدَّين وتغيير المدين.
وثمّ بعد ذلك افترض عند الفقه الغربي أنّ حوالة الدَّين أيضاً كذلك؛ فاعترف بها، وسيأتي بيان ذلك تفصيلًا.
وأخيراً: فقد اتّضح أنّ الإشكال الذي عاشه الفقه الغربي تجاه عمليّتي تغيير الدائن والمدين إنّما تولّد عن تصوّره لمعنى الذمّة والدَّين. وأمّا الفقه الإسلامي، فقد أمضى هاتين العمليتين من دون أيّما إشكال، وذلك على أساس تصوّره لمعنى الذمّة والدَّين.
نعم، عاش الفقه الإسلامي سنخ الإشكال المزبور، وذلك بالنسبة إلى نقل الحقّ وبيعه لا نقل الدَّين؛ فإنّ هناك كلاماً بين فقهاء الإسلام في جواز نقل الحقوق وعدمه[1]، فجاء في ذلك إشكالٌ نظير الإشكال السابق، حيث قيل في مقام إفادة عدم الجواز: إنّ الحقّ عبارة عن الإضافة الشخصيّة وهي متقوّمة بطرفيها- أي من له الحقّ ومن عليه الحقّ-، فلا يتعقّل انحفاظ هذه الإضافة مع تبدّل طرفيها. فمثلًا في باب الشفعة: حيث إنّها حقّ للشريك، فهي إضافة شخصيّة متقوّمة بالشريك الذي له الحقّ، وبالمشتري الذي عليه الحقّ؛ فإذا تغيّر أحدهما أو كلاهما بأحد أسباب النقل، فقد تغيّرت الإضافة أيضاً؛ لتغيّر طرفيها المقوّمين لها، فلا يتصوّر انحفاظها مع تبدّلهما.
وهذا الإشكال يؤول إلى الإشكال السابق الذي أورده الفقه الغربي
[1] راجع: كتاب المكاسب( الأنصاري) 3: 9