بالالتزام الشخصي[1]، ومن هناك استشكلوا في تغيير الدائن أو المدين بأنّ الالتزام الشخصي لا يمكن انحفاظه في صورة تغيير الملتزِم أو الملتزَم له، بل مع تغيير أحدهما يتغيّر الالتزام أيضاً، فلا يبقى الدَّين أصلًا.
وهذا الإشكال غير صحيح بالنسبة إلى ما تصوّره الفقه الإسلامي للذمّة؛ فإنّه لا يفسّر الدَّين بالالتزام كي يرد عليه الإشكال، بل يفسّره بالمال الرمزي المحتفظ في الوعاء الاعتباري المسمّى ب (الذمّة)، وهذا ينحفظ حتّى مع تغيير الدائن أو المدين؛ فإنّ العقلاء لا يرون إشكالًا في تغيير مالك الوعاء أو الوعاء نفسه مع الحفاظ على أصل الدَّين، كما مرّ آنفاً.
وأمّا الفقه الغربي، فحيث تصوّر الدَّين وفسّره بالالتزام الشخصي، فاستشكل في جواز حوالة الحقّ (تغيير الدائن) وحوالة الدَّين (تغيير المدين)؛ باعتبار أنّ الدَّين يتغيّر فيهما أيضاً ولا يمكن انحفاظه مع تغييرهما؛ لأنّ الدائن والمدين هما المقوّمان للدَّين؛ فبتغييرهما يتغيّر الدَّين إلى دين جديد، وهذا هو معنى التنازل إلى بدل.
ومن هنا: لم يشرّع القانون الروماني حوالة الحقّ وحوالة الدَّين[2]. نعم، اعترف في باب الإرث بحوالة الحقّ وحوالة الدَّين؛ فالابن يقوم مقام أبيه في كونه دائناً أو مديوناً؛ وذلك باعتبار أنّ الوارث امتداد للمورّث[3] واستمرار
[1] انظر: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 1: 107، وقد خالفهم في ذلك أصحاب المذهب المادّي في الالتزام من فقهاء الفقه الغربي
[2] الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 3: 414- 417
[3] المصدر السابق 3: 416، وهو ما ذكره من فقهائنا المحقّق النائيني قدس سره في: منية الطالب في شرح المكاسب 2: 118، 127