رتّبته فقط …»[1].
وينعى النجّار على السيّد الصدر بهذا الصدد سرعة تجاوزه لهذه المرحلة الأخيرة من مراحل النزاع واكتفائه بعرض سريع، وتحاشيه عن العمق الفلسفي في البحث والتفصيل في العرض، حيث يكرّس للبتّ في هذه المسألة المهمّة صفحةً ونصف فقط من كتابه الضخم.
إنّ نظرة واحدة تتحلّى بشيء من الإنصاف والموضوعيّة إلى بحث «فلسفتنا» بهذا الصدد تكفي للجواب على هذا الكلام. ذلك أنّ النجّار كأ نّه حاول أن يُفهم القارئ بأنّ الصدر قد اكتفى في المرحلة الأخيرة من النزاع الفلسفي بالاستدلال على أنّ علّة العالم مغايرة لمادّته بأنّ النجّار مغايرٌ للكرسي.
والحقيقة: أنّ «فلسفتنا» استعان بمثال النجّار والكرسي لشرح مصطلح فقط، وتفسير المعنى المراد من كلمة العلّة الفاعليّة والمعنى المراد من كلمة العلّة المادّيّة. فبعد أن طرح السؤال بالصيغة التالية: «إنّ العلّة الفاعليّة للعالم هل هي نفس العلّة المادّيّة أو لا؟»[2] وحدّد بذلك اتّجاه البحث في المرحلة الأخيرة من النزاع، أراد أن يفسّر الكلمتين: العلّة الفاعليّة والعلّة المادّيّة فاتّخذ من مثال النجّار والكرسي وسيلةً لذلك فقال:
«ولأجل التوضيح نأخذ مثالًا، وليكن هو الكرسي»[3]. وبعد أن شرح علاقة الكرسي بالنجّار والفرق بين العلّة المادّيّة للكرسي والعلّة الفاعليّة له- وهي النجّار-، [قال]: «وهدفنا الرئيسي من المسألة أن نبيّن نفس المفارقة في نفس
[1] مجلّة الثقافة: 51
[2] فلسفتنا: 367
[3] المصدر نفسه