وما دمنا نحن الآن في أوّل الشوط وفي بداية الخطّ، فأرجو منكم وأرجو من نفسي أن نفكّر دائماً وأن نتدبّر دائماً موقفنا؛ أن نتدبّر أنفسنا وأن نمرّن عقولنا وقلوبنا على هذه الامور الثلاثة.
من الآن يجب أن نراجع أنفسنا بين كلّ حين وحين لكي نتأكّد من سلامة تفكيرنا ومن سلامة أجهزتنا الروحيّة والعقليّة، من أنّ هذا الدافع الذي نعيشه، هذا الدافع الروحي الذي نعيشه لا يزال متأجّجاً، لا يزال مُشعلًا في نفوسنا، يملأ جوانب وجودنا، لا تزال المسؤوليّة موجودة في أعماقنا، لا تزال هذه المسؤوليّة تعيش معنا في كلّ تصرّفاتنا وسلوكنا.
أ يّها الإخوان! حينما نفكّر في المصالح والمفاسد يجب أن نرجع إلى أنفسنا بين كلّ حين وحين لنرى أ نّنا بأيّة عقليّة نفكّر، وبأيّ دافع نفكّر، وهل أ نّنا نفكّر بدافع موقفنا الرسالي أو نفكّر بدافع موقف آخر والعياذ باللَّه؟
أ يّها الإخوان! يجب علينا أحياناً أن نمتحن أنفسنا، ولو بأن نقوم بعمليّة مضادّة لما نفكّر، وذلك لأجل أن نرى أ نّنا كيف ولماذا وبأيّة صورة نفكّر، أي بتعبير آخر: أ نّنا في اللحظة التي نشكّ في أنفسنا، في اللحظة التي يخطر على بالنا أ نّه لعلّ تفكيرنا لم ينبع من واقع المسؤوليّة والرسالة، في لحظة الشكّ من المستحسن أن نجرّب أنفسنا، أن نمتحن أنفسنا، وذلك بأن نخالف، وذلك بأن نرفع يدنا عمّا آثرنا فى تلك القضيّة أو في هذه القضيّة، لكي نرى أنّ تفكيرنا في تلك القضيّة أو في هذه القضيّة، في هذه المسألة، في حلّ هذه المشكلة، في التغلّب على هذه الصعوبة، في تحصيل هذه المصلحة، في اكتساب هذه الفائدة، أنّ تفكيرنا كان تفكيراً موضوعيّاً، كان تفكيراً رساليّاً، كان تفكير ذلك الشخص الذي يريد أن يسير في موكب الأنبياء والأوصياء والشهداء والصدّيقين وحسن اولئك رفيقاً؟!